ولا تقبل شهادته بعده أنه قضى بكذا، يعني أن القاضي المعزول إذا شهد بعد عزله أنه قضى بكذا فإنه لا تقبل شهادته، وكذا لو شهد قبل عزله أنه قضى بكذا، وأما إخباره لا على وجه الشهادة فإنه يقبل قبل العزل لا بعده. قال بناني: وَحَاصِلُ المسألة أن إخباره بذلك إن كان على وجه الشهادة لم يقبل لا قبل العزل ولا بعده، وإن كان على وجه الإعلام والخطاب فإنه يقبل قبل العزل ولا يقبل بعده. نقله المواق عن ابن رشد. ونقل الشيخ أبو علي عن العبدوسي أن لا فرق بينهما وأن الإخبار يجوز قبل العزل وإن كان شهادة ويمتنع بعده. انتهى. والفرق بين الشهادة والإخبار يعلم بنقل كلام المواق عن ابن رشد وذلك أنه قال: ابن رشد: في هذه المسألة معنى خفي وهو أن قول القاضي قبل عزله: قضيت بكذا، لا يقبل إن كان في معنى الشهادة كتخاصم رجلين عند قاض يحتج أحدهما بأن قاضيَ بلد كذا قضى لي بكذا أو ثبت عنده كذا، فيسأله البينة على ذلك، فيأتي بكتاب من عنده: إني حكمت لفلان، أو إنه ثبت عندي كذا لفلان، فهذا لا يجوز لأنه شاهد، ولو أتى الرجل ابتداء للقاضي فقال له: خاطب لي قاضيَ بلد كذا بما ثبت لي عندك على فلان أو بما حكمت لي به عليه قُبلَ لأنه مخبر. انتهى. والله سبحانه أعلم. قوله: ولا تقبل شهادته لخ، قال عبد الباقي: ومن باب أولى في البطلان إذا قال القاضي بعد عزله: شهد عندي شاهدان بكذا وقد كنت قبلت شهادتهما، فللطالب حينئذ تحليف المطلوب أن الشهادة التي بديوان القاضي ما شهد عليه بها أحد، فإن نكل حلف الطالب وثبتت الشهادة، ولا يجوز للقاضي أن يقضي وهو في غير محل ولايته، ولا تجوز شهادة محكم فيما حكم به لأنها شهادة على فعل النفس، وقوله: ولا تقبل شهادته بعده أنه قضى بكذا ولو شهد معه آخر.
وجاز تعدد مستقل، يعني أنه يجوز للإمام الأعظم أن ينصب قاضيين أو أكثر يحكم كل في كل ناحية وفي كل نوع، ولا بد من الاستقلال، فلا يصح تولية قاضيين أو أكثر لا يستقل الحكم إلا بهما أو بهم كانوا أو كانا بناحية أو كل بناحية في نوع خاص أم لا. والله سبحانه أعلم. أو خاص بناحية، بالجر عطف على مقدر، أي جازتعدد مستقلٍّ عام في جميع النواحي وجميع أبواب الفقه، أو خاص بناحية يحكم فيها في جميع أبواب الفقه. أو نوع، يعني أنه يجوز تعدد قاض مستقل خاص بنوع من الفقه يحكم في جميع النواحي، وقد علمت أنه لا بد من الاستقلال.