يطلب حقه عند من شاء من القضاة ويطلب الآخر حقه عند من شاء، وإن اختلفا فيمن يبتدئ بالطلب وفيمن يذهبان إليه من القاضيين أوجبت للسابق من رسول القاضيَين، وإن لم يكن لأحدهما ترجيح بسبقِ الطلب ولا بغير ذلك أقرع بينهما. انتهى كلام المازري. وهو يفيد أنه يعمل بقول كل واحد منهما في تعيين القاضي الذي يُدَّعَى عنده، لأنه لا يكون كلٌّ طالبًا إلا مع اختلاف الدعوى، وإنما يعتبر سبق الرسول فيما إذا اختلفا فيمن يبتدئ بالطلب وفيمن يذهبان إليه، فإن سبق أحدهما بالطلب ترجح قوله وإلا فالمعتبر من جاء رسوله أولا من القضاة. انتهى. انظر حاشية الشيخ بناني. ولا حاجة إلى ما في بعض النسخ من زيادة: كالادعاء بعد قوله: أقرع، لأن ما يفيده التشبيه ذكره تصريحا فيما يأتي من قوله: وأمر مدع لخ، فلا فائدة لذكره هنا. والله سبحانه أعلم وقوله: وإلا أقرع، أي إن اتفقا على القرعة، وإلا فلا بد من حاكم يقرع بينهما. قاله التتائي.
وتحكيم غير خصم، عطف على قوله: تعدد، يعني أنه يجوز للخصمين أن يتفقا على أن يحكما شخصا ليس مُوَلًّى بشرط أن لا يكون أحد الخصمين بحيث يكون حاكما لنفسه أو عليها. قاله بناني وغيره. وقال عبد الباقي: لا تحكيم خصم لهما أو لأحدهما. قال بناني: فيه نظر إذ ليس المراد نفي أن يحكم الخصمان من هو خصم لهما أو لأحدهما، وإنما المراد نفي أن يحكم أحد الخصمين الآخر بحيث يكون حاكما لنفسه أو عليها. ابن عرفة: ففي جواز تحكيم الخصم خصمه مطلقا وكراهته إن كان القاضي، ثالثهما: لا ينفذ حكمه إن كان القاضيَ، لنقل المازري مع اللخمي عن المذهب، والشيخ عن أصبغ، وظاهر قول الأخوين. انتهى. وجزم ابن فرحون في تبصرته بالجواز، فقال: مسألة: وإذا حَكَّم أحد الخصمين صاحبه فحكم لنفسه أو عليها جاز ومضى ما لم يكن جورا بينا، وظاهر كلام ابن عرفة وابن فرحون ترجيح الجواز ابتداء، وقال الحطاب: ظاهر كلامهم أن الجواز بعد الوقوع. انتهى. وعلى كل فعلى المص درك في التقييد بغير خصم، لأن تحكيم الخصم على ما ذكر من الجواز ابتداء وبعد الوقوع يكون مساويا لتحكيم غير الخصم، وعبارة ابن الحاجب: لو حكم خصمه، فثالثها: يمضي ما لم يكن خصمُه القاضِيَ. ابن عرفة: القول بعدم مضيه مطلقا لا أعرفه. انتهى. انتهى. الرهوني: لا درك على المص، وما نقله