قال مقيده عفا الله عنه: والظاهر أن ما في العمدة لا يخالف ما نقله الحطاب عن المازري: إذا كان المحكم من أهل الاجتهاد مالكيا ولم يخرج باجتهاده عن مذهب ملك لزم حكمه، وإن خرج لم يلزم إذا كان الخصمان مالكيين، لأنهما لم يحكماه على أن يخرج عن قول ملك وأصحابه، وكذلك إذا كانا شافعيين أو حنفيين وحكماه على مثل ذلك لم يلزم حكمه إن حكم بينهما، والظاهر أيضا أنه لا يخالف ما تقدم عن اللخمي، تأمل.
وكافر، عطف على خصم، ومعناه أن الكافر لا يجوز تحكيمه ولا ينفذ حكمه إن حكم. وغير مميز، يعني أنه لا يصح تحكيم غير الميز، ولو حذفه لكان أولى لأنه مستغنى عنه بقوله: وجاهل، وقوله: وغير عطف على قوله: خصم، أي وجاز تحكيم غير غيرِ مميز وهو المميز، ولو أسقط المص غير هنا وعطف مميز على غير لكان صوابًا. والله سبحانه أَعلم. وقوله: مميز، أي من البالغين بدليل قوله: إلا الصبي، وعلم مما قررت أن معنى كلام المص يجوز تحكيم شخص مميز ليس بخصم ولا جاهل. المازري: لا يحكَّم إلا من يصح أن يُوَلَّى القضاء، وفي الخرشي: ولو شاور الجاهل العلماء وعلم الحكم لم يكن حكمَ جاهل، ولو حكم الخصم أو الجاهل أو الكافر كان الحكم مردودا، وينبغي إذا قَتَل أحدٌ منهم أن تكون الدية على عاقلته، وإذا أتلف شيئا أن يكون ضامنا له. انتهى.
في مال وجرح، متعلق بتحكيم كما يفيده الخرشي، أو بالجواز كما يفيده غير واحد، يعني أن التحكيم إنما يكون في المال والجرح وإن عظم كقطع يد أو رجل، قال عبد الباقي: فإن حكما خصما أو جاهلا أو كافرا أو غير مميز لم ينفذ حكم كل، وينبغي إذا أتلف أحد منهم عضوا أن تكون الدية على عاقلته أو مالًا ففي ماله. انتهى. وذكر سبع مسائل لا يجوز التحكيم فيها، أولاها: الحد وإليه أشار بقوله: لا حَدٍّ، يعني أنه لا يجوز التحكيم في الحدود، فلا يحكم في الزنى، ولا في شرب الخمر، ولا في القذف، ولا في غير ذلك مما يترتب فيه حد، وأشار إلى الثانية بقوله:
وقتل، يعني أنه لا يجوز التحكيم في القتل عمدا، فلو ادعى شخص على آخر أنه قتل أخاه مثلا وأنكر فلا يجوز التحكيم في ذلك، وأشار إلى الثالثة بقوله: ولعانٍ، يعني أنه لا يجوز التحكيم في