للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأحضر العلماء يعني أن القاضي إذا كان يقضي يحضر العلماء، وهل وجوبا أو ندبا؟ قال عبد الباقي: وأحضر القاضي المقلد وجوبا، كما في التتائي، وهو ظاهر التوضيح، وندبا كما هو النقول في الشارح، العلماء من مذهبه خاصة، ويندب للمجتهد أن يحضر المجتهدين لاحتمال أن يظهر لهم غير ما ظهر له ليظهر له بعد اجتهاده مثل ما ظهر لهم، لا تقليدا لهم إذ المجتهد لا يقلد مثله.

وشاورهم، كذا في بعض النسخ بالواو، يعني أن القاضي إذا كان يقضي يحضر العلماء ويشاورهم، أي يجمع الأمرين، وعلم مما قررت أن هذا بعد التولية فلا يتكرر مع قوله: مستشيرا، ابن المواز: لا أحب أن يقضي إلا بحضرة أهل العلم ومشاورتهم، وهو قول أشهب، لفعل عثمان رضي الله عنه، لأنه كان إذا جلس أحضر أربعة من الصحابة ثم استشارهم، فإذا رأوا ما رءاه أمضاه، ومنع من ذلكَ مطرف وابن الماجشون، قالا: ولكن إذا ارتفع عن مجلسه شاورهم، كفعل عمر رضي الله عنه، وفي بعض النسخ: بأو، وهي للخلاف أي يحضرهم، وقيل: لا يحضرهم ولكن إذا ارتفع يشاورهم. وعلى أنها إشارة للخلاف فلا تكرار أيضا، بل لو كانت للتخيير فلا تكرار أيضا لما علمت من أن هذا بعد التولية. قال عبد الباقي: ومحل الخلاف في حضورهم حيث كان فكره في حضورهم وعدمه سواء، فإن لم ينظر نظرا سديدا وجب حضورهم، أو اشتغل عنه به منع. انتهى. وهذا التقييد أصله للمازري، وفيه بحث لأنه إذا كان لا ينظر نظرا سديدا تمنع توليته. والله سبحانه أعلم.

وشهودا، عطف على قوله: العلماء، يعني أنه يجب على القاضي إذا جلس للقضاء أن يحضر شهودا عدولا يحفظون إقرار الخصم خوف رجوع بعضهم عما أقر به، وجرد المص شهودا من أل خشية توهم كون أل لِلْعهد فيكون المرادَ الشهود المتخذون للشهادة من جهة القاضي، والمراد عدول منهم أو من غيرهم، ولا يقال: جرد شهودا خشية توهم عطفه على الضمير المنصوب في شاورهم، إذ يصير وشاور شهودا اثنين، فإنه غير ظاهر. والله سبحانه أعلم.

فرع: قال سحنون: لا يستشير من شهد عنده فيما يشهد فيه، حكاه ابن يونس، وقال غير سحنون: لا بأس بذلك، حكاه ابن رشد. انتهى مختصرا من التبصرة. واقتصر في التوضيح على