العامة وليمة أو صنيعا عاما كفرح، فأما إن دعي مع عامة لغير فرح فلا يجيب، وكأنه دعي خاصة، أو لعله إنما صنع ذلك لأجل القاضي. انتهى.
تنبيه: قال الرهوني: مثل القاضي فيما ذكر غيره من ذوي المروءات. قال في كتاب محمد: وكره ملك لأهل الفضل أن يجيبوا كل من دعاهم.
وقبول هدية، يعني أنه يحرم على القاضي قبول الهدية. ولو كافأ عليها أضعافها لركون النفس للمهدي، ولأنها تطفيء نور الحكمة، ويجوز للفقيه والفتي قبولها ممن لا يرجو منه عونا ولا جاها ولا تقوية لحجته على خصمه، ولا يجوز للشُّهود قبولها من الخصمين ما دام الخصام. قاله عبد الباقي وغيره. وقال الحطاب: قال في التوضيح: ظاهر قول ابن الحاجب: ولا يقبل، المنع؛ وعليه ينبغي أن يحمل قول ابن حبيب لم يختلف العلماء في كراهة قبول الإمام الأكبر وقضاته وجُباته الهدايا، قال: وهو مذهب ملك وأهل السنة. انتهى. ويمنع من قبول الهدايا سواء كانت في حال الخصام أو قبله. وفي المواق: قال ربيعة: إياك والهدية فإنها ذريعة الرشوة، ولا ينبغي للقاضي أن يقبل الهدية من أحد لا من قريب ولا من صديق ولا من غيرهما وإن كافأ عليها بأضعافها، إلا مثل الوالد والولد وأشباههم من خاصة القرابة، وقوله: ولو كافأ عليها، خلافا لأشهب حيث أجاز قبولها من غير الخصمين إذا كان صديقا وكافأ عليها أو كان قريبا.
إلا من قريب، يعني أنه يجوز للقاضي أن يقبل الهدية من قريبه. قال الحطاب: يريد الخاص من الولد والوالد والخالة والعمة وبنت الأخت. قاله ابن فرحون. ونحوه في التوضيح. انتهى. وقال عبد الباقي: إلا من شخص قريب كأبيه وخالته وبنت أخيه ومن لا يدخل عليها منهم ظنة لشدة المداخلة، ويحتمل أن يريد بالقريب من لا يحكم له، ويمكن رجوع الاستثناء لقوله: كسلف وما بعده، وهذا مستفاد من رجوعه لقوله: وقبول هدية، بطريق الأولى لأن قبولها حرام وما قبله مكروه. ونحوه للخرشي والشبراخيتي. وقوله: وقبول هدية، قال التتائي: ظاهر كلام المص سواء كان الهدي في خصومة عنده أو لا وهو كذلك، وإليه ذهب مطرف وابن الماجشون، ولابن عبد الحكم القبول في غير مخاصمة، ولما لم يكن له قبول الهدية كان للإمام أن يأخذ من قضاته