للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تمييز ما زادوه بعد الولاية، وشاطر أبا هريرة وأبا موسى وغيرهما. انتهى. وقد يكون الزائد من التجارة والزراعة لا من الهدية، ولا تظن الهدايا بأبي هريرة وغيره من الصحابة، إلا ما [لا] (١) يقتضي أخذا، ومع ذلك فالتشطير حسن، لأن التجارة لا بد أن ينميها جاه العمل، فيصير جاه المسلمين كالعامل، والقاضي أو غيره رب المال فأعطى العامل النصف عدلا بين الفريقين. ولذلك لما انتفع عبد الله وعبيد الله بالمال الذي أخذاه من الكوفة سلفا في القصة المشهورة، قال عبد الرحمن بن عوف لعمر رضي الله عنهما: اجعله قراضا يا أمير المؤمنين فجعله قراضا. انتهى.

الرابع: قال ابن فرحون: قال ابن عبد الغفور: ما أهدي إلى الفقيه من غير حاجة فجائز له قبوله: وما أهدي إليه رجاء الفوز على خصمه أو في مسألة تعرض [عنه] (٢) رجاء قضاء حاجته على خلاف المعمول به فلا يحل قبولها، وهي رشوة يأخذها. وكذلك إذا تنازع عنده خصمان فأهديا إليه جميعا أو أحدهما يرجو كل واحد منهما أن يعينه في حجته أو عند حاكم إذا كان ممن يسمع منه ويوقف عنده فلا يحل له الأخذ منهما ولا من أحدهما. انتهى. وقال ابن عرفة: قال بعض المتأخرين: ما أهدي للمفتي إن كان ينشط للفتيا أهدي إليه أم لا فلا بأس به، وإن كان إنما ينشط إذا أهدي له فلا يأخذها، وهذا ما لم تكن خصومة، والأحسن أن لا تقبل من صاحب فتيا، وهو قول ابن عيشون، وكان يجعل ذلك رشوة. قلت: قد يخف قبولها لمن كان محتاجا ولا سيما إن كان اشتغاله بأصولها يقطعه عن التسبب ولا رزق له عليها من بيت المال، وعليه يحمل ما أخبرني به غير واحد عن الشيخ الفقيه أبي علي بن علوان أنه كان يقبل الهدية ويطلبها ممن يفتيه. وفي الطرر ظاهره لابن عيشون. ومن هذا انقطاع الرعية للعلماء والمتعلقين بالسلطنة لدفع الظلم عنهم فيما يهدونه لهم ويخدُمُونهم هو من أبواب الرشوة لأن دفع الظلم واجب على كل من قدر على دفعه عن أخيه المسلم وعن الذمي. نقله الإمام الحطاب.


(١) ساقطة من الأصل والمثبت من الذخيرة ج ٨ ص ٧١ والحطاب ج ٦ ص ٣٣٤ ط دار الرضوان.
(٢) في الحطاب ط دار الرضوان ج ٦ ص ٣٣٤ عنده.