فقط، لأن المسائل التي قبلها هل يكره للقاضي أو يجوز. انتهى. نقله التتائي، وقد مرت الإشارة إلى الجواب عن ذلك في كلام عبد الباقي. والله سبحانه أعلم.
قولان في كل من الفروع الستة.
ولا يحكم مع ما يدهش عن الفكر، يعني أن القاضي لا يجوز له أن يحكم مع شيء يدهشه عن تمام الفكر كحزن وغضب وحقن أي تحصر بريح ونحوه، ولقس بفتح اللام والقاف وسين مهملة وهو ضيق النفس. وفي النهاية: أنه الغثيان، وجوع شديد وأكل فوق الكفاية والمعتبر مثله، وأما ما يدهش عن أصل الفكر فيمتنع الحكم عنده، وكذا الإفتاء. قاله عبد الباقي. وقال: ولا يحكم أي يمنع كما في الحطاب عن أبي الحسن أو يكره كما في التتائي. انتهى. وقوله: أي يمنع كما في الحطاب. قال الرهوني: تقدم من كلام المدونة وابن ناجي عليها ما يشهد بما جزم به الحطاب من المنع، وبالمنع أيضا عبر ابن مرزوق، وعبارته تفيد أن الفقهاء كلهم عليه، فإنه لما ذكر الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)(١). قال: وهذا النص إيماء إلى العلة وهو كون الغضب يمنع من تمام الفكر، فقاس الفقهاء عليه كل ما سواه في ذلك، فمنعوا الحكم، وحكمه صلى الله عليه وسلم بعد أن غضب من خواصه لعصمته. انتهى. وقال الشبراخيتي: ولا يحكم القاضي أي يمنع. ذكره الحطاب عن أبي الحسن، واختاره البساطي، وذكر الشيخ التتائي أنه يكره مع ما يدهش عن الفكر، أي عن تمامه كالغضب والجوع والحزن والنعاس والحقن واللقس، وهو كما قال الشارح ضيق النفس، وفسره بعضهم بغثيان النفس والأكل فوق الكفاية، وقد قيل: البطنة تذهب الفطنة. وفهم منه أن حكمه مع ما يدهش عن أصل الفكر أشد فيكون ممنوعا اتفاقا. وكذلك الفتي لا يفتي مع ما يدهش عن الفكر كما نص عليه عياض في شرح مسلم، وتبعه الأبي. انتهى. وقال الخرشي: يكره للقاضي أن يحكم مع ما يدهش عن تمام فكره، والمفتي مثله، ويحرم عليه الحكم مع ما يدهش عن أصل الفكر. انتهى. وقال بناني: ولا يحكم مع ما يدهش عن الفكر، من ذلك كثرة ازدحام الناس عليه، وقد كان سحنون
(١) البخاري، كتاب الأحكام، رقم الحديث ٧١٥٨ ومسلم، كتاب الأقضية، رقم الحديث ١٧١٧ واللفظ لمسلم.