للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بتزيد حاله في الصلاح. قاله ولا أعلمه إلا من قول ملك، فقيل: ذلك اختلاف من القول، وقيل: رواية أبي زيد إن أتى تائبا قبل أن يظهر عليه وهو الأظهر. انتهى. قال عبد الباقي: فإن شهد قبل التوبة لم يقبل اتفاقا لأنه فاسق، فإن شهد بعدها وقبل التعزير فمقتضى العلة جريان التردد فيه، وكذا هو ظاهر المواق، وأشعر ذكره التردد فيمن فسقه بالزور أنه لو كان فسقه بغيره ثم شهد بعد ما تاب فإنه يقبل، ويدل عليه قوله: وزوال العداوة والفسق بما يغلب على الظن، وأشعر ذكر التردد في الشاهد أن القاضي إذا عزل لجوره ببينة أو باعترافه لم تجز توليته ولو صار أعدل أهل زمانه، وهو كذلك في النص، وأما فسقه بغير الجور فليس له هذا الحكم. انتهى.

وإن أدب التائب فأهل، يعني أن القاضي إذا أدب الشاهد بزور الذي أتى تائبا فعزر بزوره قبل ثبوته عليه فإنه يوجر على ذلك وهو أهل لذلك، وقد وضع الشيء في محله، وقوله: فأهل أي الشاهد أهل للأدب. انظر الخرشي. وقال عبد الباقي: وترك الأدب أولى. وقال الشبراخيتي: وترك أدبه أولى ليلا ينفر الناس عن الرجوع عن الزور. وقال بناني: وإن أدب التائب فأهلٌ. هذا هو قول ابن القاسم، وقال سحنون: لا يؤدب التائب لأنه لو أدب من أتى تائبا لكان ذلك وسيلة إلى عدم توبتهم. قال المتيطي: وبه العمل. وقال المازري: إنه المشهور. نقله ابن سعيد. وقوله: أدب بالبناء للفاعل، ويجوز أن يقرأ بالبناء للمفعول. انظر التتائي. وقال المواق: ولملك في المبسوط من سأل عن إصابة أهله في رمضان لا يعاقب، (لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه) (١). انتهى.

ومن أساء على خصمه، عطف على قوله: شاهد زور، يعني أن القاضي يعزر وجوبا من أساء على خصمه بحضرته من غير احتياج لبينة لانتهاكه حرمة الشرع، والحق حينئذ لله لا يحل للقاضي تركه أو بغير حضرته وأقر أو قامت عليه بينة به. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: وعزر القاضي من أساء على خصمه بما يستحق الأدب به وجوبا. انتهى. وقال المواق: قال ابن حبيب عن الأخوين: إن شتم أحد الخصمين صاحبه عند القاضي أو أسرع إليه بغير حاجة كقوله: يا


(١) البخاري، كتاب الصوم، رقم الحديث ١٩٣٦ ومسلم، كتاب الصيام، رقم الحديث ١١١١.