حكما حكم به فإن شهد عنده عدلان به أنفذ شهادتهما. قال في فروقه: بخلاف إذا شهد شهود الفرع ونسي الشهادة شاهد الأصل. قال: وفي كلا الموضعين فهو نقل عن الغير. اهـ. وأما عكس كلام المص ففي المجموعة: قال ابن القاسم: في القاضي يقول لرجل: قضيت عليك بكذا بشهادة عدول فأنكر وسئل المشهود فأنكروا، قال: يرفع ذلك إلى السلطان فإن كان القاضي يعرف بالعدل لم ينقض حكمه أنكر المشهود أو ماتوا، وإلا لم ينفذ وابتدأ السلطان النظر. نقله الرهوني.
وأنهى لغيره، الإنهاء تبليغ الحاكم حُكْمَهُ أو ما حصل عنده مما هو دونه كسماع الدعوى لحاكم آخر. وقوله. لغيره، أي لقاض آخر، ولو صرح به لكان أبين، يعني أن القاضي يجوز له أن ينهي أي يوصل حكمه لقاض آخر لينفذه، وأن يوصل إليه ما دون الحكم ليبني عليه ويتممه، والإنهاء يكون بأحد شيئين إما بمشافهة، أي مخاطبة ومكالمة، مصدر شافهه كأنه من تحريك الشفتين بالكلام.
إن كان كل بولايته، أي إذا كان الإنهاء بالمشافهة فإنه يشترط في تنفيذ الثاني وبنائه أن يكون كل منهما بمحل ولايته، وذلك على ثلاثة أوجه، الأول: أن يكونا قاضيين ببلد واحد ولكل منهما جهة تخصه. والثاني: أن يكونا ببلدين متجاورين ففي الوجهين يقف كل واحد في طرف ولايته ويخبر الآخر بحكمه أو بما حصل دونه، فجعلوا محل ولايته كزمنها، ولذا اشترطوا كون كل بمحل ولايته فيكون المتكلم في محل ولايته والسامع منه كذلك، فإذا كان المنهي بغير محل ولايته لم يعتبر إنهاؤه لأنه بمنزله إخباره أو شهادته بعد العزل، وإن كان المنهَى إليه بغير محل ولايته فإنه لا يعتبر الإنهاء إليه لأن حكمه به بعد ذلك فيه استناد لعلم سبق سبق محله. والوجه الثالث: أن يكونا ببلد واحد مشتركين مطلقا، والحكم فيه أن يشافه كل منهما الآخر بما عنده، وهذا في الحكم، وأما لو أنهى إليه أنه ثبت عنده بشهادة حاضر فقد قال في التوضيح: تردد المازري في القاضيين إذا كانا ببلد واحد وأخبر أحدهما الآخر أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان كذا هل إخباره كنقل شهادة فلا يكتفَى به لحضور المنقول عنهم، إذ لا يصح نقل عن حاضر لغير عذر، أو هو كالحكم فينفذه الثاني من غير إحضار الشهود؟ وقد يقال: إذا قبلنا قول القاضي