الشبراخيتي: ويتصور مخالفة الشاهد لكتاب القاضي فيما إذا شهد الشاهدان على الحكم ودفع لهما كتابه ولم يقرأه عليهما.
وندب ختمه، يعني أنه يندب للقاضي النهي أن يختم كتابه، ومعنى الختم أن يجعل عليه ما يمنع فكه ليلا يزاد فيه أو ينقص، ولما كان ذلك غير محقق كان الختم مستحبا. ابن عبد السلام: لا يظهر للاستحباب كبير فائدة، لأن الاعتماد دائر مع الشهادة، وما ذكره واضح في صورة المخالفة، وكذا إذا قرأه عليهما، وأما عند انتفاء ما ذكر ففائدة الختم ظاهرة، إذ يمكن أن يسقط أو يسرق من المشهود فيزاد فيه أو ينقص منه، وإنما لم يجب الحكم في هذه الحالة لأن ذلك غير محقق. قال عبد الباقي: قيل: وندب الختم إنما هو من خارج الكتاب لا من داخله فيجب، لأن العرف عدم قبول غير المختوم. قال بناني: هذا القيد ذكره الفيشي، ولم أر من ذكره غيره، وفيه تخليط لأن ما به العرف في هذه المسألة مخالف للمشهور فيها. اهـ.
ولم يفده وحده، يعني أن كتاب القاضي المنهي إذا كان وحده أي مجردا عن الشاهدين فإنه لا يفيد بمعنى أن القاضي المنهى إليه بمنزلة من لم يحصل إليه إنهاء، فلا ينفذ ولا يبني. قال عبد الباقي: وكلامه هنا في الإنهاء، وما مر من قوله وإن أتى رجل بكتاب قاض إلخ، ليس فيه إنهاء، وإنما حمل الكتاب نفس المدعي للعبد. اهـ. قوله: وما مر ليس فيه إنهاء إلخ، قال بناني: فيه نظر، وقد مر الجواب عن هذا في محله فانظره. قال: واعلم أنه جرى العمل في هذه الأزمان بإفادة علامة القاضي بمجرد معرفتها. قال في التحفة:
والعمل اليوم على قبول ما … كتبه القاضي بمثل اعلما
ابن عرفة: قال ابن المناصف: اتفق أهل عصرنا على قبول كتب القاضي في الحقوق والأحكام بمجرد معرفة خط القاضي دون إشهاد ولا خاتم معروف، ولا يستطيع أحد فيما أظن صرفهم عنه، مع أني لا أعلم خلافا في مذهب ملك أن كتاب القاضي لا يجوز بمجرد معرفة خطه، ثم وجه عمل الناس بأن الظن الحامل بأنه كتاب القاضي الباعث له حصوله بالشهادة على خطه منضما للمشهور، وهو القول بالشهادة على خط الغير حسبما تقرر في المذهب يوجب كون هذا