للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان لا يتميز بالصفة كالحديد والحرير فإن البينة تشهد بقيمته ويحكم بها لمدعيه؛ أي فالغائب عن البلد لا يشترط حضوره مطلقا لأنه إن أمكن وصفه قام وصفه مقام حضوره، وإن لم يمكن وصفه قامت قيمته مقام وصفه، ولا فرق في ذلك بين القوم والمثلي، وإنما اعتبرت القيمة في المثلي لجهل صفته، وهذا في الغائب عن البلد، وأما ما في البلد فلا بد من إحضاره مجلس الحكم، سواء كان مما يتميز بالصفة أم لا. قاله الشبراخيتي. وقوله: غائبا، حال من فاعل يتميز: وبالصفة متعلق بيتميز. وقال عبد الباقي: ولما ذكر الحكم على الغائب ذكر الحكم بالغائب، فقال: وحكم بما يتميز حالة كون المحكوم به غائبا عن بلد الحكم. اهـ. وقوله:

كدين، معناه أنه يحكم بالشيء الغائب التميز بالصفة كما يحكم بدين على شخص غائب عن بلد الحاكم، وكأنه أشار إلى قياس المسألة على الثانية لأنه لا فرق بين غيبة المحكوم عليه والمحكوم به؛ لأن المحكوم عليه الغائب إنما يتميز بالصفة، فالمحكوم به كذلك قاله ابن مرزوق وهو غاية في الحسن. والله تعالى أعلم. ويفهم من كلام غير واحد. ونَقَلَ بناني عن المازري ما نصه: إن كان المحكوم به مما لا يتميز أصلا ذكرت البينة قيمته، تقول: غصبه حريرًا أو طعاما قيمته كذا. قال بناني: وهذا مما يتعلق بالذمة، وما في الذمة تسمع البينة به، ولو لم يقبل التمييز بعينه: لتعيين صاحبه الذي هو في ذمته. وفي حاشية بناني أيضا بعد كلام: وبه يتضح لك أن البينة تسمع في الدين ولو لم يقبل التمييز في عينه لأنه في الذمة، أما ما لا يتميز بالصفة وليس دينا فلا تسمع البينة به غائبا إلا إن شهدت على عينه وهو مفهوم قوله: يتميز اهـ كلام بناني. وبه تعلم ما في كلام الشبراخيتي وعبد الباقي. والله سبحانه أعلم.

وجلب الخصم بخاتم أو رسول، يعني أن الغائب في محل ولاية الحاكم وهو متوطن بمحل ولايته إذا ادُّعِي عليه بشيء فإن القاضي يجلبه إليه؛ أي يأتي به إلى مجلس الحكم بأن يبعث إليه بطابع أي خاتم أو يرسل إليه رسولا يأتي به، أو يبعث إليه في ذلك بأمارة أو ورقة يأمره فيها بالذهاب إليه، وهذا إن كان المدعى عليه على مسافة العدوى من مجلس القاضي، وهي طلبك إلى والٍ ليُعديك على من ظلمك؛ أي ينتقم منه، تقول: استعديت على فلان الأمير فأعداني؛ أي