للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محل ذلك إذا لم يكن الشراء من المقوم عليه، كما قال ابن لب: عقود الأشرية لا تكون حجة إلا على جهة البائع.

الثاني: قال يحيى: سألت ابن القاسم عن رجل أمدق امرأة عن ابنه منزلا، فلما دخل ابنه بالمرأة أخذت النزل إلا حقولا يسيرة تركتها في يد حموها، فلم تزل في يده حتى مات بعد طول زمان، ثم أرادت المرأة أخذها فمنعها ورثة الحمو، وقالوا: قد عايشته زمانا من دهرك وهي في يده ولا تشهدين عليه بعارية ولا كراء ولا ندري لعله أرضاك من حقك، أترى للمرأة في ذلك حقا؟ قال نعم: لها أن تأخذ تلك الحقول التي هي مما كان أصدقها الحمو عن ابنه، ولا يضرها طول ما تركت ذلك في يد الحمو لأنها ليست بالصدقة فتلزم حيازتها، وإن الصداق ثمن من الأثمان، قال: وكذلك لو تركت كل [ما] (١) أصدقته في يد الحمو لم يضرها ذلك، قال القاضي: هذه مسألة صحيحة بينة لا إشكال فيها لأنه حقها تركته في يده، فلا يضرها ذلك طال الزمان أو قصر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم)، وليس هذا من وجه الحيازة التي ينتفع الحائز بها، ويفرق فيها بين القرابة والأجنبيين والأصهار؛ إذ قد عرف وجه كون الأحقال بيد [الحمو] (٢) فهي على ذلك محمولة حتى يعرف مصيرها إليه بوجه صحيح؛ لأن الحائز لا ينتفع بحيازته إلا إذا جهل أصل مدخله فيها، وهذا أصل في الحكم بالحيازة وبالله التوفيق. اهـ. نقله الحطاب، والرهوني. قال الرهوني: قوله في الرواية: عايشته، كذا وجدته في نسختين من البيان بالشين المعجمة، من العيش وهو في جميع ما وقفت عليه من نسخ الحطاب قد عاينته بالنون من المعاينة، والمعنى صحيح على كل منهما والأول أوجه. والله أعلم. اهـ.

الثالث: قال الحطاب: أَصّلَ ابن رشد أن ترجيح الحيازة إنما هو فيما جهل أصله، وأما إذا ثبت أصلها بكراء أو إعارة أو إعمار أو غير ذلك فلا يزال الحكم كذلك وإن طال الزمان، ثم جلب على ذلك مسألة يحيى، قال: سألت ابن القاسم إلى آخر ما مر. والله تعالى أعلم.


(١) ساقطة من الأصل والمثبت من: الرهوني ج ٧ ص ٥٢١.
(٢) ساقطة من الأصل والمثبت من الرهوني ج ٧ ص ٥٢٢ والحطاب ج ٦ ص ٤٤١ ط دار الرضوان.