للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا العفو فلا يحرم به الميراث، وإن وقع منه الأمر وكان المأمور لا يستطيع مخالفته يقاد من الآمر، فهاهنا هنا يحرم الميراث، وإن كان الواقع منه العفو فقام يطلب الدم فقولان: لزوم العفو، والثاني لا؛ لإسقاطه حقا لم يجب. انتهى. وتعليله يدل على أن الثاني أرجح فيشهد لظاهر كلام الزرقاني. والله تعالى أعلم. وقال الشبراخيتي: ولو قال المقتول لشخص إن قتلتني أبرأتك كان دمي وكذلك اقتلني من غير فرق على المذهب؛ لأنه قبل القتل لم يترتب له حق حتى يسقطه، وبعد الموت صار الحق للولي فله أن يقتل أو يعفو. انتهى. وقال الحطاب: وروى ابن عبدوس: كان قال لرجل اقطع يدي أو يد عبدي عوقب الأمور ولا غرم في الحر والعبد. واعلم أن إسقاط الحق قبل وجوبه أصل مختلف فيه.

تنبيه: قال التتائي: قال في الذخيرة: إنما سمي القصاص قودا لأن العرب كانت تقود الجاني بحبل في رقبته فتسلمه، فسمي القصاص قودا لأنه كان يلازمه. ابن عبد السلام: قال غير واحد: إن هذا الخلاف - يعني الخلاف المذكور بين ابن القاسم وأشهب - مقصور على النفس، وأما الجراح فيرجع أشهب إلى ابن القاسم فيها ولا خلاف فيها، لكن ابن عبد الحكم فيها مثل قول أشهب في النفس. قاله ابن مرزوق.

ولا دية لعاف مطلق يعني أن ولي الدم إذا عفا عن قاتل وليه، فإما أن يصرح بأنه عفا عنه على أن يأخذ الدية، فهذا إن امتنع القاتل منها على مذهب ابن القاسم فللولي الرجوع إلى القصاص، وإما أن يصرح بأنه عفا عنه على غير شيء فهذا يلزمه العفو ولا رجوع له عنه، وأما أن يعفو ويطلق من غير تصريح بدية ولا غيرها فهذا أيضا يلزمه العفو ولا دية له، فمعنى مطلق بكسر اللام لم يقيد بأنه عفا لأجل الدية أو عفا على غير شيء، وفي بعض النسخ: مطلقا بالنصب صفة لمصدر محذوف أي عفوا مطلقا: فإن ادعى العافي المطلق أنه إنما عفا على أن يأخذ الدية لم يصدق في ذلك أي سقط القصاص ولا شيء له، هذا إذا لم يظهر من قرينة حاله أنه أراد الدية، فإن ظهر من حاله إرادة الدية فإنه يحلف أنه إنما عفا لأجل الدية، ويبقى على حقه في القود إن امتنع القاتل من إعطاء الدية.