للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما فرغ من الكلام على ما يتعلق بالركن الثاني، شرع يتكلم على الركن الثالث وهو القتل الموجب للقصاص، وهو ضربان: مباشرة وتسبب وتكلم على الأول أولا، فقال: إن قصد ضربا يعني أن المكلف شروطه المتقدمة إذا قتل المعصوم الذي مر ذكره فإنما يقتص منه بشرط أن يقصد أي يتعمد الضرب الذي مات المعصوم من أجله. قال البناني: عبارتهم تقتضي أن القصاص في العمد العدوان، فنبه المصنف على العمد بقوله: "إن قصد ضربا"، وأما العدوان فالظاهر أنه أشار له بقوله: "عداوة" بجعله راجعا لا قبل الكاف وما بعدها، وإنما أتى بالكاد للفصل بقوله: "ولا قسامة" الخ، والعدوان هو ما كان غضبا لا لعبا ولا أدبا. قاله ابن مرزوق وغيره.

واعلم أن القتل على وجوه: الأول أن لا يقصد ضربه كرميه شيئا أو حربيا فيصيب مسلما فهذا خطأ بإجماع فيه الدية والكفارة، الثاني أن يقضي الضرب على وجه اللعب فهذا خطأ على قول ابن القاسم وروايته في المدونة خلافا لمطرف وابن الماجشون، ومثله إذا اقصد به الأدب الجائز وأما إن كان للنائرة والغضب فالمشهور أنه عمد يقتص به إلا في الأب ونحوه فلا قصاص بل دية مغلظة. الثالث أن يقصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم القتل فلا عفو. قاله ابن رشد في المقدمات. ومثله في المتيطية. انتهى.

وقال عبد الباقي: إن قصد أي تعمد القاتل ضربا وإن بقضيب يعني أنه إذا تعمد الضرب فقتله فإنه يقتص منه، سواء تعمد ضربه بآلة يقتل مثلها عادة أو تعمد ضربه بآلة لا يقتل مثلها غالبا كالقضيب ونحوه، وقوله: "إن قصد ضربا وإن بقضيب"، قال عبد الباقي: وفعل ذلك لعداوة أو غضب فيقتص منه وإن لم يقصد قتلا، خلافا لابن شأس إلا الأب فلا بد من قصده القتل لابنه كما يأتي تفصيله، وأما غيره فيقتل سواء لم يقصد قتله أو قصد قتله بعينه، أواعتقد أنه زيد فتبين أنه عمرو، أو اعتقد أنه زيد بن فلان فتبين أنه زيد بن آخر فيقتل به في هاتين الصورتين كالأولى، ويدل للأولى من هاتين قاتل خارجة فإنه قتله معتقدا أنه عمرو بن العاصي، فتبين أنه خارجة فقتلوه ولم يلتفتوا لقوله: أردت عمرا وأراد الله خارجة.

والفرق بين هذه والتي بعدها وإن استويا حكما أن قصده في هذه إنما تعلق بعمرو ولو كان خارجة ما قتله، وفي التي بعدها هو تعلق قصده بقتله الذات العينة قطعا ولكنه أخطأ في اعتقاده في