وقال ابن مرزوق: لا يشترط في المكلف أن يكون ضربه بآلة مخصوصة كما يقوله أبو حنيفة في المحدد، بل يقاد منه وإن ضرب بقضيب أو لكزة أو وكزة أو بندقة أو غير ذلك، وكذا لو خنقه أو منعه من الطعام والشراب أو أحدهما حتى مات أو طرح عليه حجرا أو نحوه وهو مراده بالمثقل. انتهى. وقال الشبراخيتي: كخنق تشبيه وتصوره ظاهر ومنع طعام والشراب كالطعام كما في الجواهر وذكره ابن مرزوق، أو مثقل كالضرب بحجر عظيم أو خشبة لها حد أولا وهو مذهب الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا قصاص إلا في القتل بمحدد من حديد أو حجر له حد أو خشبة أو كان معروفا بقتل الناس، كالمنجنيق والإلقاء في النار. انتهى. وقوله:"كخنق" بفتح الخاء وكسر النون، وقال التتائي عند قوله "ومنع طعام" ما نصه: وسواء طعام نفسه أو غيره. انتهى.
واعلم أن في المدونة: فأما من حفر في غير ملكه بئرا لماشية أو شفة فلا يمنع فضله من أحد، وإن منعوه حل قتالهم، فإن لم يقو المسافرون على دفعهم حتى ماتوا عطشا فدياتهم على عواقل المانعين والكفارة على كل نفس منهم على كل رجل من أهل الماء مع وجيع الأدب. انتهى. قال ابن مرزوق: ذكر ابن يونس أن مسألة المدونة هذه متأولة الخ.
ولا قسامة إن أنفذ مقتله يعني أنه إذا أنفذ الضارب مقتلا من المضروب أي قطع له محلا من المقاتل الخمسة المذكورة في باب الذكاة، فإنه يقتل بلا قسامة، وإن عقل المضروب بعد ذلك أو تكلم أو شرب أو مات مغمورا أي وكذلك يقتل أيضا إذا لم ينفذ له مقتلا، ولكنه لم يفق المضروب من لدن ضرب ولا عقل ولا تكلم ولا أكل ولا شرب حتى مات، هذا مراده بقوله:"مغمورا" كأنه من الغمر وهو التغطية التي حصلت على عقله، فإن الضارب في الوجهين - أعني إنفاذ المقتل وموت المضروب مغمورا - يقتل به غير قسامة أي من غير أن يكلف أولياء الدم أن يحلفوا خمسين يمينا أن وليهم إنما مات من ضرب الضارب، وذلك بين لأنه مع إنفاذ القاتل يتحقق الموت، ولذلك لا تؤكل المنفوذة المقاتل بالذكاة لكونها في حكم الميتة، وموته أيضا مغمورا من لدن الضرب دليل على أن موته منه، ومفهوم الشرط أنه إن ضربه ولم ينفذ مقتله ولم يمت مغمورا ثم مات بحديث يظن أو يشك أن موته من ذلك الضرب أنه لا يقاد من الجاني حتى يحلف ولاة الدم