للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن ذهب والعين قائمة فإن استطيع كذلك فاعل "ذهب" ضمير يعود على البصر؛ يعني أن من ضرب إنسانا فذهب نور بصره والعين قائمة مكانها، فإنه يفعل في الجاني مثل ذلك إن استطيع أي إن استطيع، إذهاب نور بصره مع بقاء حدقة عينه قائمة، مالك: أي يذهب نور بصره مع إبقاء عينه قائمة، وموضوع هذه المسألة أنه فعل له فعلا لا قصاص فيه، كما لو لطمه أو ضربه بعصا، وما مر من قوله: "وإن ذهب كبصر بجرح" فعل به فعلا فيه القصاص. قال مصطفى: الظاهر أن ما ذكره المصنف في هذه المسألة تبعا للمدونة خاص بالبصر لما جاء في ذلك عن عثمان وعلي؛ لأن غيره من المنافع لا يستطاع فيه ذلك ولو أمكن فيه ذلك. انتهى.

والحاصل أن ذهاب المنفعة إما أن يحصل بما فيه قصاص أو بما لا قصاص فيه، فالأول لا فرق فيه بين البصر وغيره: والثاني إن كان في البصر فهو قوله: "إن استطيع كذلك" الخ وإن كان في غيره تعين العقل. والله تعالى أعلم. قاله البناني. يعني لأن غير البصر لا يمكن فيه ذلك، ولو أمكن لقيل فيه كذلك كما مر. وقال عبد الباقي: وإن ذهب البصر مثلا المفهوم من كبصر بفعل ما لا قصاص فيه كلطمة [أذهب] (١) بها بصره، فقد علم افتراق هذه مما قبلها لأن فيها جرحا وفيه القصاص، بخلاف هذه والعين قائمة لم تنخسف، فإن استطيع أي أمكن أن يفعل بالجاني كذلك بأي وجه لا بمثل ما فعل فقط، يدل على ذلك قضية السيد علي. قاله أحمد. انتهى.

قوله: قضية السيد علي، قال الشارح: وروي أنه جييء لعثمان رضي الله عنه برجل لطم شخصا أو أصابه بشيء فأذهب بصره والعين قائمة، فأراد أن يقتص له منه فأعيى ذلك عليه وعلى الناس. فأتى علي رضي الله تعالى عنه فأمر بالمصيب فجعل على عينيه كرسفا أي قطنا ثم استقبل به عين الشمس وأدنيت من عينه مرآة فانطمس بصره وعينه قائمة، وقيل: إنه أمر بمرآة فأحميت ثم أدنيت من عينه حتى سالت نقطة عينه وبقيت قائمة مفتوحة. انتهى.

وإلا أي وإن لم يستطع أن يذهب نور بصره مع كون عينه قائمة، فالعقل متعين لأنه بمنزلة ما سقط فيه القصاص لعدم إمكانه ويكون في ماله لا على عاقلته، "سأن شلت يده بضربة يحتمل أنه


(١) في النسخ: فاذهب، والمثبت من عبد الباقي ج ٨ ص ١٨.