من عادتهما نقل كلام اللخمي، وهاهنا لم يتعرضا له ولعله لصعوبة فهمه، ثم قال: والجاري على أحل المذهب تقويمه سليما ثم يقوم بحالته، فبقدر ما بينهما يكون على الجاني من قيمته، فإذا كانت قيمته سليما مائة وقيمته على ما هو عليه أربعون كان على الجاني ثلاثة أخماس ديته. فتأمله. انتهى.
قوله: لصعوبة فهمه يعني على المبتدءين فتركا نقله في شرحيهما لصعوبة فهمه على من يطالع شرحيهما من المبتدئين. واللَّه أعلم. انظر الرهوني. وهذا النقص الجاري في العقل يرجع بحسابه كما عرفت ويجري فيما يأتي أيضا، ثم إن علم حال المجني عليه قبل الجناية فظاهر وإلا حمل على أنه كان كاملا إذ الظالم أحق بالحمل عليه، والمراد بالكمال الوسط، فإن شك أهل المعرفة فيما نقص بالجناية أثلث أو ربع، حمل في العمد على الأول للعلة المذكورة وفي الخطإ على الثاني؛ لأن الذمة لا تلزم بمشكوك فيه.
والسمع بأن يصاح من أماكن مختلفة يعني أن من ادعى ذهاب بعض سمع إحدى أذنيه فإنه يختبر في ذلك، بأن يصاح به من أماكن مختلفات الجهات بعد أن تسد الأذن الصحيحة سدا محكما، كما قال: مع سد الصحيحة يريد ووجه الصائح لوجهه، فإن لم يسمع فإنه يتقرب منه ويصيح به كذلك إلى أن يسمع، ثم تسد تلك الأذن الذاهب بعض سمعها وتفتح الأذن الصحيحة ويصاح به كذلك، ثم ينظر أهل المعرفة ما نقص من سمع أذنه وينسب القدر الذي لم يذهب من المجني عليها لسمع السالمة، ويؤخذ من الدية بتلك النسبة، كما قال: ونسب ما بقي من المجني عليها لسمعه الآخر الكائن في الأذن السالمة بعد أن يحلف على ذلك ولم يختلف قوله، والاختلاف هنا باعتبار الجهات، وأما إن اختلف قوله اختلافا متباعدا فإنه لا شيء له ويكون سمعه هدرا كما سيذكره المصنف فقوله:"والسمع" أي وجرب السمع أي اختبر نقصانه حيث ادعى النقص وصفة الاختبار ما ذكر، وقوله:"بأن" أي بسبب أن يصاح. قاله الشبراخيتي.
والظاهر أن الباء للآلة، وقوله:"من أماكن مختلفة" أي مع هُدُو الريح، والمراد بالأماكن الجهات الأربع، وإلا بأن ادعى ذهاب بعض سمع أذنيه أو ادعى ذهاب بعض سمع إحداهما والأخرى لا سمع لها، فسمع وسط أي فإنه يقضى له بالدية بالنسبة إلى سمع رجل سمعا وسطا لا في غاية