عمدا فعليه خمس مائة دينار في ماله، وهو كأقطع اليد اليمنى يقطع يمنى رجل، فدية الرجل في مال الجاني ولا يقتص من اليسرى باليمنى. انتهى. وقال عبد الباقي: وعضو ساقط فيه القصاص لعدمه أي لعدم المماثل له، كما لو فقأ أعور العين عَيْنَ شخص عمدا مماثلة للمعدومة فعليه خمس مائة دينار حالة في ماله، ومثله ما سقط فيه القصاص لعدم المكافأة، كقطع مسلم يد كافر. وأتى المصنف بهذا ليلا يتوهم أن القصاص لما كان ساقطا صار كالخطإ.
إلا ما لا يقتص منه من الجراح لإتلافه فعليها مستثنى من قوله:"كعمد" يعني أن جراح العمد التي لا يقتص منها لأجل إتلافها وهي ما عظم فيه الخطر تحمل العاقلة منها ما بلغ ثلث دية المجني عليه أو الجاني، فَتُنَجَّمُ عليها سواء كان الجاني مكافئًا أو غير مكافئٍ، فإن لم يقتص منها لعدم المساواة أو لعدم المكافأة ففي مال الجاني حالة عليه. قال عبد الباقي: واستثنى من قوله: "كعمد"، فقال:"إلا ما" سقط منه القصاص مع وجود مثله لكونه لا يقتص منه فمن الجراح كجائفة ومأمومة وكسر فخذ لإتلافه أي لخوفه إن اقتص منه فعليها أي العاقلة إن بلغ ثلث دية المجني عليه أو الجاني، وتحمل كسر الفخذ مع بلوغه الثلث حيث كان فيه حكومة، وأما إذا جنى ولا مماثل له وبفرض وجوده لا يقتص منه لأنه متلف، فيتعارض فيها قوله:"وساقط لعدمه" فإنه يقتضي أن الدية في هذه في مال الجاني. وقوله:"إلا ما لا يقتص منه" الخ فإنه يقتضي أن الدية فيها على العاقلة، والظاهر العمل على الثاني بالأولى مما ذكره المصنف. انتهى.
وقال الشبراخيتي: اعلم أنه حيث كان عدم القصاص من الجرح لكونه متلفا فإنه على العاقلة، سواء كان الجاني مكافئا أو غير مكافئ، كأن يجرح مسلم نصرانيا مثلا جرحا لا يقتص منه للإتلاف فإن ديته على عاقلة المسلم، فإن كان المانع من القصاص عدم المساواة فقط فإنه في مال الجاني. انتهى. وقال المواق من المدونة: عقل المأمومة والجائفة عمدا على العاقلة ولو كان للجاني مال، وعلى هذا ثبت مالك وابن القاسم وبه أقول. انتهى. وقوله:"فعليها" أي على العاقلة كما رجع إليه مالك، وقيل على الجاني، وقيل عليه إلا أن يكون عديما فعليها، والأقوال الثلاثة لمالك. انتهى.