للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الشرعي، فإن قتل نفسه لم يجز له ذلك، لكنه إن قتل نفسه قبل التوبة كان ذنبه صغيرا لافتياته على الإمام، ويلقى اللَّه تعالى فاسقا بالجريمة للقتل، وإن قتل نفسه بعد التوبة، فإن جعلنا توبته مسقطة لقتله فقد لقى اللَّه فاسقا بقتله نفسه لأنه قتل نفسا معصومة، وإن قلنا لا يسقط قتله بتوبته لقي اللَّه تعالى عاصيا لافتياته على الإمام، ولا يأثم بذلك إثم من يرتكب الكبائر لأنه فوَّتَ روحا يستحق اللَّه تفويتها وأزهق نفسا يستحق الرب إزهاقها، وكان الأصْلُ يقتضي أن يجوز للآحاد القيام بحق اللَّه تعالى في ذلك، لكن الشرع فوضه إلى الأئمة كي لا يُوقِعَ الاستبدادُ به في الفتن. انتهى. قاله الإمام الحطاب.

قوله: "وعليه مطلقا جلد مائة ثم حبس سنة" هو الجاري على قول ابن القاسم الذي جرى عليه غير واحد، وقال أشهب: يخير في ذلك أي في تقديم الضرب على الحبس وتقديم الحبس على الضرب، قال ابن عرفة: وفي تقديم الضرب على السجن والتخيير في ذلك قولان لسماع عيسى بن القاسم، ونقل الباجي عن أشهب، ولم يحك ابن رشد غير ما في السماع. نقله الحطاب. وفي بعض النسخ: "وعليه مطلقا جلد مائة وحبس سنة"، قال الرهوني: والذي في المواق وابن مرزوق والأجهوري: جلد مائة ثم حبس سنة وهي الصواب، ليكون المصنف ذاهبا على قول ابن القاسم الذي اقتصر عليه غير واحد.

وقد ذكر الباجي القولين وعزا القول بالتخيير لأشهب في الموازية، ثم قال الرهوني: وعلى قول ابن القاسم اقتصر الشيخ أبو محمد في نوادره على ما نقله عنه ابن مرزوق، وعليه اقتصر أبو الحسن في شرح المدونة، ولا تحسب في السنة المدة التي حبس فيها لاختبار أمره حتى على قول أشهب، ففي المنتقى: قال عبد الملك: يقيد ما دام اللطخ الذي سجن فيه، فإذا لزمه جلد مائة وتوجه عليه الحكم أزيل عنه الحديد وسجن سنة، فاقتضى ذلك أن السنة إنما تكون بعد تحقيق الحكم عليه، فأما السجن الذي كان قبل ذلك لاستبراء أمره والنظر فيه فليس من هذا الحبس في شيء، بل حكمه مخالف لحكمه لما يختص به من التقييد. انتهى منه بلفظه. انتهى منه بلفظه.

قال الرهوني: قلت ما ذكره من أنه لا يجعل في الحديد في السنة ظاهره أنه متفق عليه، ولكن جزم في المقصد المحمود بخلافه، ونصه: ولا يقسم الأولياء إلا على واحد وإن وقعت التدمية على