وقوله:"كأن يقول بالغ حر"، قال الرهوني: قال اللخمي: فإن كان العبد هو المقتول وقال قتلني فلان لم يكن لسيده أن يحلف مع قوله، ويستحق قيمته إن كان المدعى عليه حرا ولا القصاص إن كان المدعى عليه عبدا، ولكن ترد اليمين على المدعى عليه إن كان حرا، واختلف كم يحلف وفي ضربه وسجنه، فقال ابن القاسم: يحلف المدعي عليه يمينا واحدة ولا قيمة عليه ولا ضرب ولا سجن، فإن نكل غرم قيمته وضرب مائة وسجن عاما. وقال أشهب: يحلف الحر خمسين يمينا ويبرأ، فإن نكل حلف سيده واستحق قيمته ويضرب المدعى عليه مائة ويسجن عاما، وسواء حلف أو نكل. وقال عبد الملك: يحلف الحر يمينا واحدة إن كان يعرف بينهما عداوة بعد أن يسجن ويكشف عن أمره، فإن نكل ضرب أدبا وكذلك العبد، وليس يضرب مائة ويسجن سنة إلا من ملك قتله فعفى عنه، أو ملكت عليه القسامة فردت عليه اليمين. انتهى المراد منه.
وقوله:"كأن يقول بالغ حر مسلم" قال الرهوني: هذا ظاهر إن كان فلان الُمَدمَّى عليه معروفا عند الشاهدين، وإن لم يكن معروفا عندهما ووصفه المدمِّى وصفا كاشفا فلا عبرة بالتدمية، وإن تعلق ولاته بشخص وعينوه فإن حلاه ووصفه، فجزم شيخنا بأنه لا عمل على ذلك وكتب على هذا المحل: وسئل بعض القرويين عمن قال: دمي عند فلان ووصفه وحلاه فتوجد تلك الصفة في البلد، هل يقسم عليه كما في الحقوق أم تبطل الدماء لعظمها وللاختلاف في إعمال التدمية من أصلها؟ فأجاب بأنه لا يقبل قوله ولم يعلم الأصحاب فيه قولا. انتهى من خطه طيب اللَّه ثراه.
قلت: في نوازل ابن رشد: وكتب إليه قاضي كورة حرسها اللَّه تعالى في رجل جُرح جرحا مات منه، فَدَمَّى على رجل وقال في تدميته عليه: إنه أصابه بالجرح الذي فيه على سبيل العمد الذي فيه القصاص عبد الرحمن المعروف بابن عدي من ساكني قرية انيش السفلى من قرى جيان، وثبتت التدمية على نصها عند موت الدمى من جرحه المذكور وَوِراثته، وأن أحق الناس بالقيام بدمه أخوه شقيقه وأبوه، وأقر المدمى عليه أنه عبد الرحمن بن عدي، وأنكر القتل، وقال القاضي: إنه أعذر إليه في جميع ما ثبت فعجز عن المدفع في شيء منه، وأنه وَجَّهَ من وثق به إلى القرية المذكورة ليبحث ويكشف هل بها من يسمى باسمه وينسب بنسبه فما وُجِد أحدٌ غيره؟