للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والده يطلب دمه على قاتله، وقام والد المقتول الأول وزعم أن دم ولده المقتول أولا عند هذا المقتول آخرا، وأتى بشهادة المرأة على موته بين الأربعة نفر المذكورين، فحلفه القاضي خمسين يمينا كما يجب، فهل ترى ذلك جائزا أم لا؟ بَيّنْ لنا ذلك موفقا معانا إن شاء اللَّه.

فأجاب أيده اللَّه: تصفحت السؤال ووقفت عليه وما حكم به القاضي من تحليف والد المقتول الأول خمسين يمينا مع شهادة المرأة خطأ من الحكم، وإنما وجه الحكم في ذلك -على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في أن اللوث لا يكون إلا بالشاهد العدل- أن يقسم أولياء المقتول الثاني لما ثبت من تدميته على قاتله ويقتلونه، وأما على مذهب من يرى أن شهادة المرأة الواحدة لَوْثٌ (١) فيقسم والد المقتول الأول مع آخر من وُلَاته خمسين يمينا لهو قتل وليهما، فيستحقون بذلك دمه ويبطل قيام من قام من ولاته طالبا له بالتدمية. وباللَّه التوفيق. انتهى. وقد علمت أنه لا تثبت القسامة بقول الصبي ولو مراهقا أو المجنون وإن وجبت فِيهِمَا القسامة بغير قولهما، وقوله: "كأن يقول بالغ حر مسلم" أتى به بعد قوله: "سببها قتل الحر المسلم" لأنه لا يلزم من كون المقتول حرا مسلما حين القتل أن يكون حرا مسلما حين القول مع أنه لا بد منه. قاله الشبراخيتي وغيره. وقوله: "ولو خطأ" هو المشهور. قاله التتائي. وقد مر عن ابن رشد.

أو مسخوطا على ورع عطف على المبالغة ففيه خلاف أيضا؛ يعني أنه تثبت القسامة لأولياء المقتول، بقول المقتول: قتلني فلان، ولو كان القائل لذلك القول مسخوطا أي غير مرضي الحال -قاله الشبراخيتي- وقال ذلك لصالح ورع، بل ولو قاله لأوْرع أهلِ زمانه فلِوُلَاتِه أن يقسموا ولو كانوا مسخوطين أيضا، ولا بد من أن يشهد على قول البالغ المذكور عدلان فأكثر. وقوله: "على ورع" هذا هو المشهور، خلافا لابن عبد الحكم في قوله: لا يقبل المسخوط على العدل، وصوبه اللخمي. قاله التتائي. وقال: وفي الذخيرة خولفت قاعدة الدعاوي في قبول قول المدعي في خمس مسائل: الأمناء واللعان والقسامة والغصب والحاكم في التعديل والتجريح وغيرهما. انتهى. قوله:


(١) كذا في الأصل، والذي في الرهوني ج ٨ ص ٥٧: لوثا.