ويجب بذلك القسامة. رواه ابن حبيب عن مالك. وجميع أصحابه في العمد والخطإ، وكذلك لو قال: سقاني سما فيكون فيه القسامة ولا يبالي تَقَيأ منه أو لم يتقيأ. انتهى محل الحاجة منه بلفظه. ونحوه لابن يونس، لكن قد رأيت قول المتيطي أن ما اعتمده المصنف به القضاء والحكم وسلمه له غير واحد، بل كلام أبي الحسن يفيد أنه لم ينفرد بذلك المتيطي، فإنه قال عند قول المدونة في كتاب الديات:"وإذا قال المقتول دمي عند فلان" الخ: ظاهره كان به جرح أم لا، وقيل لا يقبل إلا أن يكون أثر جرح، قالوا: وعليه العمل. انتهى منه بلفظه. انتهى.
وفي أحكام ابن سهل أن اللؤلؤي شيخ القاضي أبي بكر بن زرب وشيخ الفقيه ابن عبد اللَّه بن أبي زمنين وغيرهما كان له حقل ولجاره حقل، وكان حريصا أن يضيف حقل جاره إلى حقله، فاحتال في ذلك بكل حيلة فلم يجبه إلى ذلك جاره إلى أن اعتل الجار ومرض، فجاءه اللؤلؤى زائرًا فأظهر له الرجل السرور بعيادته، فطمع اللؤلؤى في قضاء حاجته في ذلك الحقل فرغب إليه في تصييره إليه فأظهر له الإسعاف، فقال له: أشهد علي بذلك من شئت فجاء بعدة من الفقهاء أصحابه فأظهر انهدام القوة وضعف النطق، فقال له: اللؤلؤى أشهد الفقهاء على بيعك مني الحقل، فقال: أشهدكم أن الفقيه اللؤلؤى هذا قاتلي عمدا وأنه المأخوذ بدمي، فإن مت اسْتُقِيدَ لي منه فدهش الفقيه ومن معه وأقبل على الرجل يخوفه اللَّه تعالى ويعظه وسلك أصحابه سبيله فلم يرجع عن ذلك، فخرجوا عنه وسألهم اللؤلؤي أن يقفوا بالباب ليخلو به، ففعلوا وتفرد به وبمعزله، وقال له. تعصي اللَّه في أمري؟ فقال له: هل أردت إلا قتلي إذ طلبت أخذ كريمة مالي؟ فقال: أنا تائب فاتق اللَّه، فأجابه إلى ذلك، وقال: احلف لي بالأيمان اللازمة أنك لا تلتمس هذا الحقل في حياتي ولا بعد مماتي، وأن تحرمه على نفسك ولو صار إليك بالميراث ولا تهم مع ذلك بإساءتي ولا تحقد بذلك على ذريتي، فحلف له بذلك كله وتوثق منه، وعند ذلك أذن له بإدخال الشهود فلما دخلوا عليه أشهدهم أنه قد عفا عنه للَّه تعالى، فقال له اللؤلؤى: أريد أن تكذب نفسك وتعود إلى الحق، فقال له: هذا هو الحق فرضي منه اللؤلؤى بذلك واتخذ حديثه غبطة، وقال: إنه لا يفتي بتدمية بعد ذلك، وقد كان يحيى بن يحيى يرى السجن على من دمى عليه حتى نزل به ذلك، فرجع عن فتواه بذلك. انتهى باختصار عن التبصرة.