وهذا كما قال أن من قتل بين الجيش في النائرة تكون بينهم، فإن كل فرقة تضمن ما أصيب من الأخرى، وذلك إذا لم يعلم من قتله. ووجه ذلك أن الظاهر أن قتيل كل فرقة إنما قتلته الفئة الأخرى ولا قصاص فيه لتعذر معرفة قاتله وعدم اتفاق الطائفة الأخرى على قتله فلم يبق إلا الدية، ولم يحتج في ذلك إلى قسامة لأن القاتل لا يتعين. انتهى.
أو لا قسامة ولا قود إن تجرد القتل عن تدمية وعن شاهد أي انتفيا جميعا، وأما إن دَمَّى فالقسامة والقود ثابتان وكذا لو قام شاهد بالقتل فالقسامة والقود ثابتان، وهذا تأويل الأكثر وهو قول الأخوين وأصبغ وأشهب، ورجع إليه ابن القاسم فكان ينبغي للمؤلف الاقتصار عليه. قاله مصطفى. قاله البناني. وقال الرهوني: صرح الرجراجي بأنه المشهور، وبه أفتى العلامة الأبي حين سأله الخليفة أبو فارس عبد العزيز بن الخليفة أبي العباس الحفصي حسبما في إكمال الإكمال، وقد نقل كلامه في الدر النثير فانظره إن شئت. انتهى. وقال التتائي: وأما إن دمى أو قام له شاهد فالقسامة، وبه فسر ابن القاسم قول مالك في العتبية والمجموعة، وهو قول أشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ، وأطلق المصنف في الشاهد وقيده في البيان بأن يكون من غير الطائفتين. انتهى.
وقال عبد الباقي: وأما إن قال دمي عند فلان أو شهد بالقتل شاهد فالقسامة والقود ثابتان، وقيد في البيان الشاهد بكونه من غير الطائفتين لا من إحداهما، ولو من طائفة المدعى عليهم بالقتل لعدم عدالته بحصول البغي. انتهى. وقال البناني: وإن تجرد عن تدمية وشاهد أي سواء شهد الشاهد على رجل بعينه أو على صف أنه قتله. صرح به عياض في التنبيهات. وقول الزرقاني: وقيد في البيان الشاهد بكونه من غير الطائفتين لا من إحداهما فيه نظر، بل غير صحيح؛ إذ الذي في البيان ولم يجزم به تقييد الخلاف بكون الشاهد من طائفة المدمى أو من إحدى الطائفتين، وأما إن كان أجنبيا منهما فلوث من غير كلام. هكذا في التوضيح وابن عرفة عنه. انتهى المراد من كلام البناني.
قوله: فيه نظر بل غير صحيح إذ الذي في البيان ولم يجزم به الخ، فيه نظر ظاهر بل ما قاله الزرقاني هو الصحيح؛ لأن كلام ابن رشد صريح في أن الشاهد إن كان من طائفة المقتول فلا