ووعظ به بعَيي. انتهى. قال الرهوني بعد أن أشار إلى كلام ابن مروان في سيدنا عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما: وهذا الكلام باطل لا يسع أهل الفضل ذكره بلسانهم فأحرى أن يسطره أحد منهم في الكتب ببنانه، إلا أن يفعل ذلك لينبه على بطلانه، وليس في جواب ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنه المذكور هنا في المواق تقرير لما قاله عبد الملك بن مروان، بل ذلك لتواضعه رضي اللَّه عنه، وإلا فسخاؤه وزهده في الدنيا وإعراضه عنها أشهر من أن يستدل عليه بدليل.
وها أنا أذكر نبذة من ذلك، ففي رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب الجامع فيما يحكى من فضائل عبد اللَّه بن عمر: وذكرهن حفص بن عمر أيضا أن عبد اللَّه بن عمر كان له غلام وبرذون يحطب عليه ويسقي عليه الماء ويركب عليه ابن عمر في حاجة إن نابته، قال: فدخل الغلام يوما، فقال: يا فلان كيف أصبحت؟ فقال: أصبح الناس كلهم بخير إلا أنا وأنت وهذا البرذون، قال. فقال له اذهب فأنت حر؟ فأعتقه، قال القاضي: هذا لما جاء عنه أنه كاتب غلاما بأربعين ألف درهم: فخرج إلى الكوفة فكان يعمل على حمولة حتى أدى خمسة عشر ألفا، فجاءه إنسان فقال له: أمجنون أنت وأنت ههنا تعذب نفسك وعبد اللَّه بن عمر يشتري الرقيق يمينا وشمالا ويعتقهم؟ ارجع إليه فقل: قد عجزت فجاء إليه بصحيفة، فقال: يا أبا عبد الرحمن قد عجزت فهذه صحيفتي امحها، فقال لا واللَّه، ولكن أمحها أنت إن شئت فمحاها ففاضت عينا عبد اللَّه بن عمر، ثم قال: اذهب فأنت حر، فقال: أصلحك اللَّه أحْسِن إلى ابْنَيَّ، قال: هما حران، قال أصلحك، اللَّه أحسن إلى أُمَّيْ وَلَدَيَّ، قال: هما حرتان فأعتقهم خمستهم جميعا في مقعده.
ووقعت هذه الحكاية عنه في المكاتب من المدونة: وروى أنه انتهى عدد من أعتق من العبيد إلى ألف رأس، وأنه حَبَّسَ ألف فرس، واعتمر ألف عمرة وحج ستين حجة، وقال الحافظ بن حجر في الإصابة: أخرج السراج في تاريخه وأبو نعيم من طريقه بسند صحيح عن ميمون بن مهران، قال: مر أصحاب نجدة الحروري بإبل لابن عمر فاستاقوها، فجاء الراعي فقال: يا أبا عبد الرحمن احْتَسِبِ الإبل وأخبره الخبر، قال: فكيف تركوك؟ قال: انفَلَتُّ لأنك أحب إلي منهم فاستحلفه فحلف، فقال: إني أحتسبك معها فأعتقه، فقيل له بعد ذلك: هل لك في ناقتك