وإن كان رأيهم القتال فواللَّه لو أن أبكاري خرجوا رغمة عن جماعة المسلمين لأرَقت دماءهم ألتمس بذلك وجه اللَّه. انتهى.
وقال المواق أيضا ما نصه: في النوادر: إذا امتنع أهل البغي ولو كانوا متأولين من الإمام العدل فله فيهم مَالَهُ في الكفار ولا يرميهم بالنار إلا أن لا يكون فيهم نساء ولا ذرية. انتهى.
ولا يسترقوا يعني أنه لا يجوز استرقاق البغاة ولا الخوارج لأنهم أحرار مسلمون، قال المواق: قال سحنون: في الخوارج: سماهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم مارقين ولم يسمهم كفارا، وسَنَّ علي رضى اللَّه عنه قتالهم فلم يكفرهم ولا سباهم ولا أخذ أموالهم، فموارثهم قائمة ولهم أحكام أهل الإسلام في ذلك، وإنما قوتلوا بالسنة وبما أحدثوا من البدعة، فَكَأَنَّ ذلك حد يُقام عليهم ولا يتبعوا بما سفكوا من دم ونالوا من فرج لا بقود ولا بدية ولا صداق ولا حد. انتهى.
وقال الشبراخيتي: ولا يسترقوا لأنهم أحرار مسلمون، وقد تقرر أن حذف النون مع لا النافية جائز، وإن كان قليلا كما في حديث:(لا تدخلوا الجنة حتى تومنوا ولا تومنوا حتى تحابوا)(١)، ويجوز أن تكون لا ناهية إلا أن الغالب في عبارات الفقهاء الإخبار وفي عبارات الشارع الطلب؛ لأن الشارع له النهي والأمر، وأما الفقهاء فليس لهم إلا الإخبار عن ذلك الحكم. انتهى. وقوله:"ولا يسترقوا" هو وما بعده كالاستثناء من قوله: "كالكفار". واللَّه تعالى أعلم.
وَلَا يَحْرِقُ الإمامُ ولا نائبه شجرهم، وأحرى مساكنهم لأنها من أموال المسلمين، ولا ترفع رؤوسهم بأرماح يعني أنه لا يجوز أن ترفع رؤوس البغاة ولا الخوارج على أرماح عند القُدْرة عليهم. قال الخرشي: ولا يجوز للإمام أو نائبه أن يحرق شجرهم ولا أن يرفع رؤوسهم على أرماح عند القُدْرة عليهم؛ ذلك مثلة وهي حرام. انتهى. وقوله:"ولا ترفع رؤوسهم بأرماح" ظاهرهُ أن هذا مما يفترق فيه قتال البغاة من قتال الكفار، فيمتنع في محل القتال وغيره، وليس كذلك خلاف قول عبد الباقي: ولا ترفع رؤوسهم عند المقدرة عليهم وقتلهم بأرماح بمحل قتلهم وأولى بغيره لأن ذلك مثلة وهي حرام، بخلاف الكفار فترفع رؤوسهم بأرماح بمحلهم فقط. انتهى.