للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمدا فإن ذلك يبطل تدبيره، وكقتل موروثه عمدا فإنه لا يرث منه لاستعجاله الشيء قبل أوانه؛ لأن محل ذلك في العمد العدوان لأنه إذا لم يكن القتل عدوانا لم يستعجل الشيء قبل أوانه؛ لأن ذلك الأوان أوان قتله. واللَّه تعالى أعلم.

ولم يضمن متأول يعني أن الباغي على قسمين متأول ومعاند، فأما المتأول فإنه لا يضمن ما أتلفه، سواء أتلف نفسا أو أتلف مالا، قال المواق من المدونة: والخوارج إذا خرجوا فأصابوا الدماء والأموال ثم تابوا ورجعوا وضعت الدماء عنهم، ويؤخذ منهم ما وجد بأيديهم من مال بعينه، وما استهلكوا لم يتبعوا به ولو كانوا أملياء لأنهم متأولون، بخلاف المحاربين. انتهى. وقال عبد الباقي: ولم يضمن باغ متأول ولو غنيا أتلف حال بغيه نفسا فلا دية عليه أو مالا ثم تاب ورجع؛ لأن الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم أهدروا الدماء التي كانت في حروبهم، ومفهوم قوله: "أتلف" أنه لو كان موجودا لرد إلى ربه وهو كذلك ترغيبا لهم في الرجوع إلى الحق. قاله التتائي. وقوله: "ترغيبا" تعليل، لقوله: "ولم يضمن"، لا لفهوم "أتلف". انتهى. قوله: "أتلف" حال بغيه، ظاهره ولو أتلفه في غير دفعه عن نفسه وليس كذلك، ففي النوادر ما نصه: ولا قود في الجراح في هؤلاء، وما أصابهم في دفعهم عن أنفسهم فهدر إلا أن تكون منهم غارة وفساد على غير وجه دفع ظلم ولا امتناع، فيلزمهم فيه القود والقصاص والمال. انتهى على نقل ابن مرزوق، وأبي علي. واللَّه سبحانه أعلم. انتهى. قاله الرهوني.

ومضى حكم قاضيه يعني أن الباغي المتأول إذا أقام قاضيا وحكم صوابا فإنه يمضي حكم قاضيه ذلك، قال عبد الباقي: والباغي المتأول إن أقام قاضيا وحكم صوابا مضى حكم قاضيه ليلا تضيع الحقوق، وكذا ما ثبت عنده ولم يحكم به فيحكم به من بعده من غير قضاة أهل البغي للعلة المذكورة. انتهى. وقال الشبراخيتي: ومضى حكم قاضيه أي المتأول، ولا مفهوم لقوله: "حكم" إذ الثبوت ونحوه كذلك، فلا فرق بين حكم تام وبين ما يحتاج إلى إتمام فيكمله من يأتي بعده من غير قضاة أهل البغي، فلو قال: "ومضى" فعل قاضيه" لكان أشمل، وهذا إذا كان الحكم صوابا، وأما غير الصواب فليس حكما. انتهى المراد منه.