ارتد أهل مدينة استتيبوا، فإن تابوا وإلا قتلوا ولا يسبوا ولا يسترقوا، وإن لحق المرتد بدار الحرب وظفرنا به استتيب. انتهى.
وقال المواق: واستتيب ثلاثة أيام الخ، قال الرسول عليه الصلاة والسلامُ:(من غير دينه فاقتلوه)(١)، قال مالك: وذلك فيمن خرج من الإسلام إلى غيره لا من خرج من ملة سواه إلى غيرها، وجاء عن عمر رضي اللَّه عنه وعن غيره: استتابه المرتد ثلاثا، لقوله سبحانه:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}، وسئل مالك عن قول عمر رضي اللَّه عنه: ألا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا؟ قال: لا بأس به وليس بالمجتمع عليه، قال مالك: وإذا تاب المرتد قبلت توبته ولا حد عليه فيما صنع من ارتداده، ومن ابن شأس: ثُمَّ عَرْضُ التَّوْبةِ على المرتد واجب، والنص أنه يمهل ثلاثة أيام، قال مالك: وما علمت في استتابته تعطيشا ولا تجويعا ولا عقوبة عليه إذا تاب. ابن الحاجب: إن لم يتب لم يقم عليه غير الفرية ويقتل. انتهى. وقال الحطاب: وظاهر كلامه -يعني المصنف- أن تأخيره ثلاثة أيام واجب، وهكذا قال في التوضيح: إنه ظاهر المذهب. وقال ابن العربي في أول كتاب التوسط في أصول الدين: ألا ترى أن المرتد استحب العلماء له الإمهال لعله إنما ارتد لريب فيتربص به مدة لعله أن يراجع الشك باليقين والجهل بالعلم ولا يجب ذلك لحصول العلم بالنظر الصحيح أولا. انتهى.
وقال القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة: وعرض التوبة واجب على الظاهر من المذهب إلا أنه إن قتله قاتل قبل استتابته فبيس ما صنع ولا يكون معه قود ولا دية. انتهى. وقال الحطاب أيضا عند قوله:"فإن تاب وإلا قتل" ما نصه: فإن تاب فلا عقوبة عليه، نص عليه في التوضيح وابن عرفة وصاحب اللباب والذخيرة وفي عيون المجالس للقاضي عبد الوهاب: إذا ارتد ثم تاب ثم ارتد ثم تاب لم يُعَزَّرَ في المرة الأولى، ويجوز أن يعزر في المرة الثانية والثالثة والرابعة إذا رجع إلى الإسلام ولست أعرفه منصوصا ولكن يجوز عندي، والفرق بين الأولى وغيرها أنه في الأولى يجوز أن يكون حصلت له شبهة فارتد ثم رجع إلى الإسلام بسبب زوالها، فإذا عاد إلى الردة ثم
(١) الموطأ، كتاب الأقضية، رقم الحديث، ١٧، ولفظه: من غير دينه فاضربوا عنقه.