تحصل للذاكر به جميع نتائج الأذكار لا حرمنا اللَّه تعالى من ذلك آمين بجاه سيد الأولين والآخرين.
واعلم أن هذا الكلام الذي نقله الإمام الحطاب عن الإمام عز الدين رضي اللَّه تعالى عنهما قد ألف غير واحد في رده كما ذكره في النسرين، وقال الإمام الساحلي: إن الذكر المفرد هو الاسم الذي جعل اللَّه تعالى فيه اختصاصا بخروج الباطن عن الأكوان تعويلا على المكون الحق ورجوعا إلى الأنس به في قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}، فظهر بذلك أن الذكر المفرد له اختصاص بالاستغراق في معناه محوا لمن سواه، فإذا فطالب فناء نفسه عن تلمح شيء من عالم جنسه استغراقا في سر توحيده أنسب الأذكار له هو الاسم العظيم مفردا، ثم قال: وأما ذكر الأفراد فدليله من القرآن قوله تعالى عز وجل من قائل: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}، وقوله تعالى:{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} وهذا الذكر هو لباب الأذكار وإنسان حدقتها وقطب أفلاكها، وقد أجمع كثير من أهل العلم على أنه الاسم الأعظم، ثم ذكر بعد هذا من خصائص الذكر المفرد في محل الذكر به ما يبهر العقول واللَّه تعالى أعلم.
وفي شرح الإمام الحطاب: وسئل البلقيني عن جماعة يذكرون في أثناء ذكرهم يقولون: محمد محمد، ويكررون الاسم الشريف، ويقولون آخر دلك: محمد مكرم معظم، هل يكون ذلك ذكرا يؤجرون عليه، وهل فيه إساءة، وهل ورد في ذلك شيء من كتاب أو سنة؟ فأجاب: لم يرد بذلك آية ولا خبر عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ولا أثر عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن الفقهاء بعدهم ولا غير ذلك من الأذكار المشروعة، ولا يؤجرون على ذلك وهم مبتدعون شيئا قد يقعون به في إساءة الأدب، وأما قولهم: فمحمد مكرم معظم فهذا ليس بالذي قبله وهو إخبار بالواقع، ولم يرد فيه ما يقتضي أن يكون مطلوبا والقياس على ما نهى اللَّه تعالى عنه، في قوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}، وقوله تعالى:{وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} وما طلب منهم في حق النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقتضي النهي عن ذلك. انتهى. قلت: قوله: وأما قولهم فمحمد مكرم معظم يعني من غير تكرير للاسم الشريف، وما قاله ظاهر. ومثل هذا قول كثير من العامة: صلوا على محمد. انتهى.