اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن سنوذ المقرئ أحد الأئمة المقرءين المتصدرين بها بقراءته وإقرائه بالشواذ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه بالرجوع عنه والتوبة منه سجلا أشهد فيه بذلك على نفسه في مجلس الوزير أبي علي ابن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة، وكان فيمن أفتى عليه بذلك أبو بكر الأبهري وغيره، وأفتى أبو محمد بن أبي زيد بالأدب فيمن قال لصبي: لعن اللَّه معلمك وما علمك، فقال أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال أبو محمد: فأما من لعن المصحف فإنه يقتل. انتهى.
الثانية: قال ابن حسام الدين -على ما أخبرني من أثق به- في سؤال وقع في شأن المهدي: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين هداة المسلمين أيدهم اللَّه بروح القدس في طائفة اعتقدوا شخصا من بلاد الهند مات سنة عشر وتسع مائة ببلد من بلاد العجم أنه هو المهدي الموعود به في آخر الزمان، وأن من أنكر هذا المهدي الميت فقد كفر، ثم ما حكم من أنكر المهدي الموعود؟ أفتونا رضي اللَّه عنكم، فأفتى الشيخ العلامة أحمد بن حجر الشافعي فسح اللَّه تعالى في عمره: الحمد للَّه رب العالمين وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، اللَّهم ارزقنا هداية لما اختلف فيه من الحق بإذنك وتوفيقا للصواب، اعتقاد هؤلاء الطائفة باطل قبيح، وجهل صريح، وبدعة شنيعه، وضلالة فظيعة، أما الأول فلمخالفته لصريح الأحاديث المستفيضة المتواترة بأنه من أهل بيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وأنه يملك الأرض شرقها وغربها ويملؤها عدلا لم يسمع بمثله، وأنه يخرج مع عيسى صلى اللَّه عليه وسلم فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين قرب بيت القدس، وأنه يؤم هذه الأمة وأن عيسى بن مريم يصلي خلفه وأنه يذبح السفياني وأنه يخسف بجيشه الذي يرسل به إلى المهدي بالبيداء بين مكة والمدينة فلا ينجو منهم إلا اثنان وغير ذلك من العلامات الكثيرة، وقد أفردتها بتأليف سميته بـ: القول المختصر في علامات المهدي المنتظر. ذكرت فيه نحوا من مائتي علامة جاءت عنه صلى اللَّه عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم، جمعته من كتب الأئمة المؤلفة على سعتها وكثرة أحاديثها وطرقها وما فيها من الآثار الكثيرة والعجائب الشهيرة، وكل ذلك يضاد هؤلاء الطائفة المعتقدين في ذلك الميت أنه المهدي الموعود به المنتظر، ويكذبهم ويقضي بجهلهم بالسنة الغراء وبعنادهم وإنكارهم لما وردت به، إذ