للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الحديث: (اشتد غضب اللَّه على الزناة) (١)، وفيه: ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند اللَّه تعالى من أن يضع الرجل نطفة في رحم لا يحل له، وانعقد على ذلك إجماع الأمة وجاحد حرمته كافر. قال الخرشي: وعرفه ابن عرفة بقوله: الزنى الشامل للواط مغيب حشفة آدمي في فرج آخر دون شبهة حل عمدا، فقوله: آدمي أخرج به حشفة غيره كالبهيمة، وقوله: في فرج أخرج به مغيبها في غير فرج، وقوله: في فرج يشمل القبل والدبر فيعم الزنى اللواط، وقوله: آخر على حذف موصوف أي في فرج آدمي آخر، أخرج به مغيبها في فرج غير الآدمي، وقوله: دون شبهة أخرج به إذا كان لشبهة في الحلية إما باعتقاد حلية أو جهل، فتخرج الأمة المحللة ووطء الأب أمة ولده لا زوجة ولده، فإن ذلك زنى لأن الأول له شبهة في مال ولده ولا شبهة له في زوجة ولده، وقوله: عمدا أخرج به الغلط والنسيان والجهل. انتهى.

وعرفه المؤلف بقوله: الزنى وطء مكلف يعني أن الزنى الموجب للحد هو أن يطأ مكلف حر أو عبد مسلم، أخرج به وطء الكافر الكافرة أو المسلمة فلا حد عليه في الصورتين وإن كانت المسلمة تحد لأنه يصدق عليه أنه وطء مسلم، ولا يضر كون اللفظة الواحدة مدخلة مخرجة فرجَ مفعول "وطء"، أخرج به الوطء بين الفخذين ونحوه، والمراد به الكامل وهو ما يمكن وطؤه؛ لأن الفرد عند الإطلاق ينصرف للكامل وما يأتي من قوله: "أو صغيرة يمكن وطؤها" قرينة على هذا وهذا ما لم يكن خنثى مشكلا فلا حد عليه ولا على واطئه للشبهة، وكذا لاحد إذا وطئ غيره للشبهة. كذا في الحاشية. وذكر في الشرح أنه إن زنى بذكره لا حد عليه وكذا بفرجه عند الأكثر. وذهب الصقليون إلى أن عليه الحد إن زنى بفرجه وإن زنى بهما فالحد اتفاقا، واستظهره ابن عرفة. وأما من زنى به فإن كان في دبره فعلى الزاني الحد، وأما في فرجه فلا حد عليه عند الأكثر، ولو أدخلت المكلفة ذكر نائم في فرجها فعليها الحد ولا حد على من وطئ جنية ولا غسل عليه إلا أن

ينزل فيغتسل للإنزال.


(١) الجامع الصغير، ١٠٤٣.