النسب لم يحد لأجل قذفه نفسه، إنما حد لأجل أمه، وأما إخباره عن نفسه بالزنى فقال ابن عبد السلام: إنه لا يسمى في العرف قذفا، قال: وإن كان قد جاء عن بعض المخالفين أن المقر بالزنى إذا رجع عن إقراره يحد لقذفه نفسه ولكنه شذوذ عند الفقهاء لا يعرج عليه. انتهى. وقال عبد الباقي: وخرج بقوله: "حرا" قاذف عبد مسلم بنفي نسبه فلا حد عليه، إلا أن يكون أبواه حرين مسلمين فيحد لهما، وكذا إن كان أبوه حرا مسلما وأمه كافرة، أو أمة عند ابن القاسم، قال: لأنه حمل أباه على غير أمه. انتهى. وتوقف فيه مالك لاحتمال أنه حمل غير أبيه على أمه، فإنما قذف كافرة أو أمة، ووجه قول ابن القاسم أنه قذف حرا مسلما وهو الأب، وشمل كلام المصنف قذف أمة حاملة من سيدها الحر بعد موته قبل وضعها بأنها حاملة من زنى فيحد في مذهب مالك، وعند ابن القاسم لا حد لاحتمال انفشاش الحمل. قاله في تكميل التقييد. ويفهم منه اتفاقهما على الحد حيث لم ينفش. انتهى. قوله: إلا أن يكون أبواه حرين مسلمين الخ، هو المعتمد، ومقابله عزاه اللخمي لأشهب، وقوله: وكذا إن كان أبوه حرا مسلما وأمه كافرة أو أمة عند ابن القاسم الخ، قال البناني: هذا مذهب المدونة، وفي ذلك قولان آخران أحدهما قول أشهب في الموازية: إنه قذف للأم بأنها زنت وأتت به من غير الأب: يعني فلا حد، والآخر لسحنون عن أشهب أنه ليس قذفا لواحد منهما لاحتمال أنها لقطته. قال اللخمي: وأحسن الأقوال قول من قال إن انقطاعه من قبل الأم لأنه مقصد الناس. انتهى. وقد مر قول الرهوني بعد جلب أنقال ما نصه: فَتَحَصَّلَ أن المعتمد فيما إذا كان أبواه. -يعني العبد- حرين مسلمين هو الحد، وتعارض الترجيحان فيما إذا كان أبوه فقط حرا مسلما فيترجح حده إلى آخر ما مر.
الثالث: قوله: "حرا مسلما بنفي نسب عن أب أو جد" ولو كان الأب عبدا أو كافرا كما في المدونة، وأما لو قذف أباه النصراني أو العبد فلا حد عليه، فقولُ بعض: قوله حرا مسلما ما لم يكن أبواه رقيقين أو كافرين. انتهى. مخالف لما في المدونة، مع أنه صرح بما يوافقها بعد. انتهى. قال البناني: مراده بالبعض هنا هو الخرشي لأنه هو الذي قال ذلك ولم أره لغيره. انتهى. وكذا هو في الشبراخيتي وهو جدير بالرد. واللَّه تعالى أعلم. وقال عبد الباقي: ولا إن نبذ أي طرح فلم يدر له أب ولا أم، ونفى نَسَبَه عن أب معين كلست ابن فلان، وأما لو نفى نسبه