للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعد الواضع فيه مضيعا للموضوع فيه، قال الطرطوشي: أشار النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى اعتبار الحرز (في حديث الجرين) (١)، ولم يبين صفته ووكله إلى اجتهاد العلماء ليعظم أجرهم، والقاعدة أن كل ما لم ينص على ضبطه يرجع فيه للعادة فحرز كل شيء بحسبه عادة. انتهى. فالحرز أمر نسبي، فرب مكان حرز بالنسبة لشيء دون غيره ولسارق دون خائن، فمن وضع وديعة بكوة بيته فهو حفظ لها عن السارق دون ولده ونحوه. وعرفه ابن عرفة بأنه: ما قُصِدَ بمَا وضع فيه حفظه به إن استقل بحفظه أو بحافظ غيره إن لم يستقل، ولا يقال ما قصد يقتضي قصد إحرازه، فلو وضعه فيه بلا قصد إحرازه لم يقطع سارقه وليس كذلك، بل يقطع من سرق من حرز ولو لم يقصد الواضع فيه إحرازه؛ لأنه يقال عليه المراد أن شأنه أن يقصد فيه الإحراز. انظر الشبراخيتي والبناني. وقوله: بما أي بمكان شأنه أن يقصد بما شأنه أن يوضع فيه حفظه به الخ، والأصل في اشتراط الحرز ما في الموطإ من قوله عليه الصلاة والسلام: (لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل، فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن) (٢). انتهى. وهو ثلاثة دراهم كما في (حديث آخر (٣) والمجن: الترس، والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها، والمعنى ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع. انظر محمدا الزرقاني. وقال المواق: ابن شأس: الشرط السادس يعني من شروط المسروق أن يكون في مكان هو حرز لمثله في العادة والعرف، وذلك يختلف باختلاف عادات الناس في إحراز أموالهم، وهو -في الحقيقة- كل ما لا يعد صاحب المال في العادة مضيعا لما فيه بوضعه فيه. انتهى.

وإن لم يَخْرُج هو مبالغة في القطع يعني أن السارق إذا أخرج المسروق من الحرز فإنه يقطع وإن لم يخرج السارق من الحرز، قال المواق من المدونة: لو أخذ في الحرز بعد أن ألقى المتاع خارجا عنه فقد شك فيه مالك بعد أن قال لم يقطع وأنا أرى أن يقطع. انتهى. وقال الشبراخيتي: وإن أخرجه السارق من الحرز ولم يخرج هو أي السارق وأخذ داخل الحرز قطع؛ لأن العبرة إنما هي


(١) الموطأ، كتاب الحدود، رقم الحديث، ٢٤. سنن أبي داوود، كتاب الحدود، رقم الحديث، ٤٣٩٠.
(٢) الموطأ، كتاب الحدود، رقم الحديث، ٢٤.
(٣) الموطأ، كتاب الحدود، رقم الحديث، ٢٣.