المقدمات. وسكت المنصف عن ثبوتها بعدلين لوضوحه ولا تقبل الشهادة إلا مفصلة، فإن اختلفا في صفة ما سرق أو وقته فلا قطع، ولو قالا قبل القطع وهمنا بل هو هذا لم يقطع واحد منهما. قاله فيها. وفيها: أنه لا يحل الكف عن الشهادة إذا رفع السارق إلى الإمام وأنه يحبس حتى تزكى البينة. انتهى.
وإلا بأن أكره على الإقرار بوعيد أو سجن أو ضرب أو قيد فلا يلزمه شيء، وظاهره مطلقا. ونحوه في المدونة، وذهب سحنون إلى أنه إذا حبس التهم بسرقة أو غيرها فأقر في الحبس فإنه يعمل بإقراره؛ ومشى عليه ابن عاصم في نظمه وذكر أنه به الحكم. قاله الشبراخيتي. وقال عبد الباقي: وقال سحنون: يعمل بإقرار المتهم بإكراهه يسجن وبه الحكم، وكذا في معين الحكام قصر العمل بإقراره مكرها على كونه بالحبس. وفي رجز ابن عاصم زيادة الضرب، ونسبه لمالك فقال:
وإن تكن مطالبا من يتهم … فمالك بالضرب والسجن حكم
وحكموا بصحة الإقرار … من ذاعر يحبس لاختبار
وذاعر بذال معجمة أي خائف وبمهملة أي مفسد كما في القاموس، ويصح أن يكون بزاي أي شرس كما في القاموس أيضات واعْتُمِدَ ما لسحنون، وحمل ما في المدونة على غير المتهم على أنه وقع فيها محلان، أحدهما صريح في عدم العمل بإقرار المكره، ثانيهما حلف المتهم وتهديده وسجنه؛ فاستشكله البرزلي بأنه لا فائدة في سجنه لعدم العمل بإقراره مكرها كما هو مفاد المدونة أولا، ويجمع بينهما بحمل أول كلامها على غير المتهم وآخره على المتهم، كقول سحنون: وجمع الغرياني أيضا بحمل أول كلامها على أن المسروق لا يعرف بعينه وآخره على أنه يعرف بعينه فيهدد ويسجن المتهم، رجاء أن يقر. انتهى. وبهذا علم أن ما لسحنون موافق للمدونة على أحد التأويلين، ثم إذا أقر مكرها على ما للمصنف وأخرج بعض المسروق هل يؤاخذ بما أقر به من السرقة إن كان مما يعرف بعينه أو مطلقا إن كان متهما احتمالان للبرزلي وغيره. انتهى.