من المفتين فقالوا: ليسوا بمحاربين لأن الحرابة في الأموال دون الفروج، فقلت لهم: ألم تعلموا أنها في الفروج أقبح منها في الأموال؟ وأن الحر يرضى بسلب ماله دون الزنى بزوجته أو ابنته، ولو كانت عقوبة فوق ما ذكره اللَّه تعالى لكانت لمن يسلب الفروج، وحسبكم بلاء صحبة الجهلاء خصوصا في الفتيا والقضاء. انتهى. نقله الشيخ أحمد بابا. نقله البناني.
وقال الشبراخيتي: المحارب قاطع الطريق لمنع سلوك وإن لم يقصد أخذ المال أي لأجل قطع الانتفاع بها، سواء كان الممنوع خاصا كفلان أو مصري مثلا أو عامات كقوله: لا أدع أحدا يمر إلى الشام أو مكة مثلا وهذا إذا كان الذي منع سلوكه غير حربي أو آخذ بمد الهمزة، وكسر الخاء على أنه اسم فاعل وهو معطوف على قاطع. انتهى.
وعرف ابن الحاجب الحرابة بقوله: الحرابة كل فعل يقصد به أخذ المال على وجه تتعذر معه الاستغاثة عادة من رجل أو امرأة أو حر أو عبد أو مسلم أو ذمي أو مستأمن، وقول المنصف:"على وجه يتعذر معه الغوث"، قال الحطاب: أحسن من قول ابن الحاجب: تتعذر معه الاستغاثة؛ لأن المسلوب يستغيث وجد مغيثا أو لا، فهو لا تتعذر عليه الاستغاثة. انتهى. يعني أنه إذا لم يجد مغيثا يقدر أن يذهب أو يرسل إلى مغيث وذلك من طلب الاستغاثة. واللَّه تعالى أعلم. ويشترط في المحارب التكليف، قال الحطاب: قال ابن عرفة: والصبي إن حارب ولم يحتلم ولا أنبت عوقب ولم يقم عليه حد الحرابة. قال: والمجنون يعاقب لينزجر إلا أن يكون الذي به الأمر الخفيف فيقام عليه الحد. انتهى. وفي المدونة: وأما الصبيان فلا يكونون محاربين حتى يحتلموا، قال أبو الحسن: أي حتى يبلغوا، ثم قال عقب كلامه السابق: وإن قطعوا الطريق إلى مدينتهم التي خرجوا منها فهم محاربون، قال أبو الحسن: هذا راجع إلى أهل الذمة لا إلى الصبيان. انتهى.
وإن انفرد بمدينة مبالغة في أنه محارب؛ يعني أنه لا يشترط في المحارب التعدد بل يكون محاربا وهو واحد ليس معه في حرابته أحد ولا يشترط أيضا أن يكون في قفر، بل يكون محاربا وإن كان منفردا بالحرابة وهو ساكن في قرية يأخذ المال من أهل القرية على وجه الحرابة، سواء قصد جميع أهل القرية أو قصد بعضهم. هذا قول ابن القاسم. وقال ابن الماجشون: لا يكون