قال مقيده عفا اللَّه عنه: الظاهر تفسير الإعانة هنا بالتقوي به كما سترى قريبا، والظاهر أن قوله:"أو بإعانة" عطف على قوله: "والقتل". واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: ولو جاء تائبا مبالغة في قوله: "أو بإعانة" يعني أنه يجب قتل المحارب إذا أعان على قتل أحد ولو كان ذلك المحارب المعين على القتل جاء تائبا قبل القدرة عليه، ورد بلو قول أشهب قال الرهوني: قول المنصف: "وبالقتل يجب قتله" مراده أنه بذلك يسقط تخيير الإمام، فهو كقوله على قول ابن الحاجب: ويتحتم قتله إذا قتل ولو غير كفؤ. انتهى. ما نصه: يعني أن الإمام إنما يخير فيه على ما تقدم إذا لم يكن قتل، وأما إن قتل ولو غير كفؤ كما لو قتل كافرا أو عبدا فيتحتم قتله لتناهي فساده وهذا هو المشهور. وقال أبو مصعب: بل له فيه التخيير أيضا. انتهى منه بلفظه.
وقوله:"ولو جاء تائبا" أي قبل القدرة عليه، وهو مبالغة في قوله:"أو بإعانة"، ومراده الإعانة بالتقوي، فإنَّ وليَّ المقتول إذا أراد القصاص بعد توبتهم قبل القدرة عليهم فله قتل الجميع عند ابن القاسم، خلافا لأشهب. وأشار المنصف بذلك إلى قوله في التوضيح عند قول ابن الحاجب: وأما إن لم يتسبب فقال ابن القاسم: يقتل، وقال أشهب: يضرب مائة ويحبس سنة. انتهى. ما نصه: أي لم يتسبب في قتله ولكن التقوي به حاصل، ووافق أشهب ابن القاسم إذا أخذوا قبل التوبة، قال: وأما إن تابوا قبل أن يقدر عليهم فقد سقط عنهم حكم الحرابة ولا يقتل منهم إلا من ولي القتل أو من أعان عليه أو من أمسك له وهو يعلم أنه يريد قتله ولا يقتل الآخرون، ولكن يضرب كل واحد منهم مائة ويحبس سنة. انتهى. ونحوه لابن عرفة نقلا عن الباجي، ونص الباجي في المنتقى: ففي الموازية عن مالك وابن القاسم وأشهب: إذا ولي أحد المحاربين قتل رجل ولم يعاونه أحد من أصحابه قتلوا أجمعين ولا عفو فيهم لإمام ولا لولي، قال ابن القاسم: ولو تابوا كلهم فإن للولي قتلهم أجمعين وله قتل من شاء، والعفو عمن شاء وعلى دية أو دون دية. وقال أشهب: إن تابوا قبل القدرة عليهم سقط عنهم حد الحرابة ولم يقتل منهم إلا من ولي القتل أو أعان عليه أو أمسكه لمن يعلم أنه يريد قتله ولا يقتل الآخرون ويضرب كل واحد منهم مائة ويسجن عاما. انتهى.