الثالث: قد مر عن المدونة أنه إن لم يأت الطالب ببينة يدفع له بعد الاستيناء واليمين بغير حميل، [وقال سحنون](١) بل بحميل، وفي مختصر الوقار: إن كان من أهل البلد فبحميل، وإن كان من غيرهم فبغير حميل لأنه لا يجد حميلا. انتهى. قاله البناني.
أو بشهادة رجلين من الرفقة يعني أنه إذا شهد عدلان من الرفقة الذين أخذ المحاربون منهم مالا بأن ذلك الشيء مما بأيديهم لفلان الطالب له، فإنه يدفع لمن طلبه بشهادة ذينك العدلين وكذا تقبل شهادتهما على المحاربين بقتل، وذكر هذا ليلا يتوهم عدم قبول شهادة الرفقة على من حاربهم. قال المواق من المدونة: تجوز على المحاربين شهادة من حاربوه إن كانوا عدو لا شهدوا بقتل أو مال، ولا تقبل شهادة أحدهم في نفسه وتقبل شهادة بعضهم لبعض. انتهى. وقال الشبراخيتي: وشهادة رجلين من الرفقة على من حاربهم بقتل أو أخذ مال أو غيره إن كانا عدلين إذ لا سبيل إلى غير ذلك فشهد بعضهم لبعض. وانظر لو شهد رجل وامرأتان أو أحدهما مع اليمين هل يثبت المال دون الحد وهو الظاهر أم لا؟ انتهى.
لا لأنفسهما يعني أنه إذا شهد عدلان من الرفقة على المحاربين لأنفسهما بشيء فإنه لا يقبل ذلك، قال الشبراخيتي: لا إن شهد اثنان لأنفسهما فلا تقبل الشهادة، وإذا شهدا لأنفسهما ولغيرهما بطلت الشهادة كلها وسواء، كان ما شهدا به لأنفسهما يسيرا بالنسبة لما شهدا به لغيرهما أم لا، خلافا لما في الشارح وهذا هو المشهور، وكما لا تقبل شهادة الإنسان لنفسه لا تقبل شهادته لولده أي وإن سفل، ولا تقبل شهادة الولد لأبيه كها في غاية الأماني، فلو قال: لا لأصلهما بدل قوله: "لا لأنفسهما" لأفاد منع شهادته لفرعه ولنفسه بالأولى مع أنه أخصر، وكذا لا تقبل شهادته لعبده ولو مكاتبا لأنه من معنى الشهادة لنفسه، وظاهر كلامهم أنه لا تمنع شهادته لزوج أصله وفرعه. وقوله:"لا لأنفسهما" لا حاجة له مع قوله: "أو بشهادة رجلين" إذ ما يصدر منهما لأنفسهما ليس بشهادة وإنما هو دعوى. ذكره ابن مرزوق. انتهى. وقال عبد الباقي: أو بشهادة رجلين عدلين من المرفقة المقاتلين للمحاربين أي يشهد عدلان منهما لغيرهما لا
(١) في الأصل وخالف سحنون والمثبت من البناني ج ٨ ص ١١١.