أن كلام ابن الحاجب مخالف لما نقلنا عن مالك من انتهاء التعزير إلى الموت في الحكاية المذكورة، ونظيرها في العتبية أيضا [في رجل](١) خلا بصبي وجرده من ثيابه. انتهى.
يشير إلى ما في النوادر من كتاب ابن حبيب، قال مطرف: أتي هشام بن عبد اللَّه قاضي المدينة -وهو من صالحي قضاتها- برجل خبيث يعرف باتباع الصبيان لصق بغلام في زحام الناس الخ، ثم قال: أما ضمان الإمام والطبيب في خطئهما على الجملة فقال في القطع في السرقة من المدونة: وما بلغ من خطإ الإمام ثلث الدية فأكثر فعلى عاقلته مثل خطإ الطبيب والمعلم والخاتن، ثم قال: وأما أن خطأهما لا يكون إلا مع مخالفة وجه الصواب فيما شرع لهما فعله، فقال في آخر أحكام الدماء من النوادر: قال ابن حبيب قال أصبغ: وروى ابن وهب عن يحيى بن سعيد: كل حاكم بين المسلمين من أمير أو قاض أو صاحب شرطة، فما كان من عقوبتهم من موت عن جد أو أدب فهدر، وما كان من ظلم بين فالقود في عمده والعقل في خطئة، قال: قال أصبغ: وهو قولنا وجماعة علمائنا. انتهى.
وقال أبو الوليد بن رشد: والعقوبات على الجرائم عند مالك على قدر اجتهاد الوالي وعظم جرم الجاني وإن تجاوز الحد، وقد أمر مالك صاحب الشرطة في الذي وجد مع صبي في سطح وقد جرده وضمه إلى صدره وغلق على نفسه معه فلم يشكو في المكروه فأمره أن يضربه ضربا مبرحا ويسجنه طويا، حتى تظهر توبته وتتبين، فسجنه صاحب الشرطة أياما قبل أن يضربه فكان أبوه يختلف إلى مالك ويتردد إليه ويقول له: اتق اللَّه يا مالك فما خلقت النار باطلا، فيقول له مالك: أجل وإن الذي ألفي عليه ابنك لمن الباطل ثم ضربه صاحب الشرطة أربعمائة سوط فانتفخ فمات فما أكبر ذلك مالك ولا بالى به، فقيل له: يا أبا عبد اللَّه إن هذا من الأدب والعقوبة لكثير فقال: هذا بما أجرم، وما رأيت أنه مسه من العقوبة إلا بما اجترم. انتهى.
وفي الرهوني بعد جلب نقول ما نصه: وقد خفيت هذه النصوص القاطعة والحجج البينة الساطعة على مصطفى وبناني كما خفيت أيضا على جسوس، فنظر في كلام ابن عاشر ولا نظر فيه والكمال