يوم عاصف أي شديد الريح فأحرقت شيأ فإنه يضمن المال في ماله والدية على عاقلته. قاله التتائي. إلا أن يكون ذلك في مكان بعيد لا يظن أن تصل إلى الشيء الذي أحرقته فلا ضمان عليه حينئذ، ومثل النار الماء والريح يذكر ويؤنث. انتهى. قول الزرقاني: والدية على عاقلته قاله التتائي، قال الرهوني: انظر نسبته للتتائي وهو مصرح به في المدونة، ونصها: ومن أرسل في أرضه ماء أو نارا فوصل (١) إلى أرض جاره فأفسد زرعه، فإن كانت أرض جاره بعيدة يؤمن أن يصل ذلك إليها فتحاملت النار بريح أو بغيرها فأحرقت فلا شيء عليه، وإن لم يؤمن وصول ذلك إليها لقربها فهو ضامن وكذلك الماء، وما قتلت النار من نفس فعلى عاقلة مرسلها. انتهى. ونقله المصنف في التوضيح وغيره. قال أبو الحسن: قال بعض المتأخرين: وحد البعد ثلاثة أميال، ثم قال اللخمي: إن لم يكن وقت إرسالها ريح فجرت أو كانت ريح فتغيرت إلى الناحية التي أحرقت فلا شيء عليه وإن كانت الريح إلى تلك الأرض ضمن؛ لأن الشأن في الريح أنها تحمل النار وإن بعدت إلا أن تكون بعيدة جدا. اللخمي: قال الشيوخ: وكذلك إذا كانت الأعشاب متصلة فإنه ضامن وإن بعدت. انتهى.
وقال أبو الحسن إثر قولها السابق: وإن لم يؤمن وصول ذلك لخ ما نصه: قال أبو عمران: ولو وإن قرب أرضه أرض لا يؤمن أن تصل النار إليها فأطلق النار فخرجت من أرضه وترامت إلى الأرض التي يخاف عليها أنه لا ضمان عليه إذا وصلت إلى أرض يؤمن عليها، ولو كان أصل إطلاقه تعديا على جاره اللاصق به. قال ابن كنانة فيمن أرسل نارا في حائط رجل فأحرقته وأحرقت حائطًا آخر لرجل آخر: إنه إنما يضمن ما باشر بالعداء ولا يضمن الحائط الآخر. انتهى. الرهوني: قلت ظاهر قول ابن كنانة: ولا يضمن الحائط الآخر، أنه لا يضمنه ولو كان لا يؤمن عليه، والظاهر حمله على أنه بعيد مما باشر إحراقه، فإن حمل على ظاهره كان شاذا ومخالفا لنص المدونة وغيرها؛ لأنه إذا ضمن في إرسال النار في أرض نفسه فأحرى إذا أرسلها في أرض غيره ظلما وعدوانا. فتأمله. واللَّه أعلم. انتهى.
(١) في المخطوط: أو نارا فأرسل إلى أرض والمثبت من تهذيب البرادعي، ج ٤ ص ٣٩٤.