للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ومن فتنة المحيا، هي الكفر، وقيل: العصيان، وقوله: المات، هي التبديل عند الموت. والعياذ بالله تعالى، وقوله: ومن فتنة القبر، هي عدم الثبات عند سؤال الملكين، وقوله: ومن فتنة المسيح بالحاء المهملة، هي فتنة عظيمة (أمر صلى الله عليه وسلم بالتعوذ منها (١))، أعاذنا الله منها؛ لأنه يدعي الربوبية، والأرزاق تتبعه، فمن تبعه كفر، وهو يسلك الدنيا كلها إلَّا مكة والمدينة، ويبقى في الدنيا أربعين يومًا. وسمي مسيحا؛ لأنه ممسوح القدمين لا أخمص لهما، وقيل: لمسحه الأرض أي طوافه بها في أمد يسير، ووصفه بقوله: الدجال؛ لأنه يغطي الحق بالباطل، وللفرق بينه وبين المسيح: رسول الله عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه. وسمي السيد عيسى مسيحا لأنه ما مسح على ذي عاهة إلَّا برئ بإذن الله تعالى. وقيل: لسياحته في الأرض فعيسى النبي مسيح الهدى والخير، والدجال لعنه الله تعالى مسيح الضلال والشر. وقيل: سمي الدجال مسيحا؛ لأن إحدى عينيه ممسوحة لا يبصر بها، والأعور يسمى مسيحا. واستنصت النبي صلى الله عليه وسلم الناس يوم حجة الوداع فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال وأطنب في ذكره وقال: (ما بعث الله من نبيء إلَّا أنذره منه ((٢))، أنذره نوح عليه السلام أمته والنبيئون بعده، وإنه يخرج فيكم في خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم أن ربكم ليس بأعور، وإنه أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية (٣))، رواه في التيسير، عن مسلم والبخاري. والطافية من العنب: التي خرجت عن حد نبات أخواتها من العنقود ونتأت. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا، دأما الذي يرى الناس أنه نار فإنه ماء عذب، وأما الذي يرى الناس أنه ماء فنار تحرق فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى أنه نار فإنه ماء بارد عذب (٤)). رواه في التيسير عن الشيخين وأبي داوود، وقال صلى الله عليه وسلم: (يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينتهي إلى بعض السباخ فيخرج إليه


(١) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٨٣٢. - مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث: ٥٨٩.
(٢) كذا في الأصل، والذي في التيسير ج ٤ ص ٦٩: أمته.
(٣) التيسير، ج ٤ ص ٦٩.
(٤) التيسير، ج ٤ ص ٦٢.