للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ذلك كما هو اليوم). ولذلك روي عن ابن عباس قال: (قلت لعثمان ما بالكم كتبتم بسم الله الرحمن الرحيم، وأسقطتموها من براءة، فقال: ما تحققت أنَّها سورة على حدتها أم هي والأنفال سورة (١))، وعن الثاني أنه لم يخرجه أحد ممن اشترط الصحة، وحديثه في الموطإ يوهن هذا الحديث، وعن الثالث أنه ضعفه الترمذي، والتعوذ أثقل من البسملة لقوة الخلاف فيها، وخروجه عن القرآن بلا ريب، وكراهة التعوذ في الفرض هي المشهورة. ومن قرأه في النافلة أو كان ممن يراه في الفريضة فهل يسره أو يجهر به؟ قولان، وكان ابن عمر يسره، وأبو هريرة يجهر به. وهل يتعوذ في جميع الركعات؟ وهو رأي ابن حبيب والشافعي؛ لأنه من توابع القراءة، أو يختص بالركعة الأولى؟ وهو رأي أبي حنيفة؛ لأنه لافتتاح الصلاة. خلاف. وفي تفسير ابن جزي: يتعوذ في أول كلّ ركعة عند الشافعي وأبي حنيفة، وفيه أن: القارئ يؤمر بالتعوذ على جهة الندب في ابتداء القراءة؛ يعني في غير الصلاة. ولفظ التعوذ: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (٢))، وهذا اللفظ هو المختار عند القراء؛ وهو مروي عنه صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أيضًا: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (٣)). وفي الحطاب أنه: لا يقرأ البسملة في الفرض، فإن قرأها فلا يجهر بها، فإن جهر بها فذلك مكروه. وقال الشيخ عبد الباقي: إن محل كراهة البسملة في الفرض إذا اعتقد أن الصلاة لا تصح بتركها ولم يقصد الخروج من الخلاف، فإن قصده لم تكره قال الشيخ محمد بن الحسن: فيه نظر؛ إذ لم أر من قيد الكراهة بهذا. والظاهر من كلام المازري أنه يعترف بفعل المكروه لتكون صلاته صحيحة اتفاقا. انتهى. وأشار الشيخ بناني بهذا إلى ما نقلوه عن المازري أنه كان يبسمل سرا، فقيل له في ذلك، فقال: مذهب مالك على قول واحد: من بسمل لم تبطل صلاته، ومذهب الشافعي على قول واحد: من تركها بطلت صلاته.


(١) أبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٧٨٦. الترمذي، كتاب تفسير القرآن، رقم الحديث: ٣٠٨٦.
(٢) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم … إلى ولا إله غيرك ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. الإتحاف، ج ٣ ص ٤٦.
(٣) أبو داود كتاب الصلاة، الحديث: ٧٧٥. الترمذي، كتاب الصلاة، الحديث: ٢٤٢.