أحمد:((هذا أكثر))، أي: من يرى مس الذَّكَرِ، كذا ذكره أبو داود في (سؤالاته لأحمد ٥٥١).
فاتضح من كل ذلك أن أحمدَ إنما يرجح الحديث المخالف لحديث طلق؛ لأنه أثبت إسنادًا وأكثر شواهد، وليس في كلامه تضعيف لقيس البتة. والله أعلم.
الثانية: أن قولَ الشافعيِّ: ((قد سألنا عن قيس، فلم نجدْ مَن يعرفه بما يكون لنا قَبول خبره)) غاية ذلك أنه لم يعرفه، وقد عَرَفه غيره، فوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ وغيرُهُ كما سَبَقَ، وقد رَوى عنه غَيرُ واحدٍ، وصَحَّحَ حديثَه هذا جماعةٌ مِنْ أهلِ العلمِ، ومَن عَلِم حجةٌ على من لم يعلم. وبهذا أجابَ الحافظُ مغلطاي على كلامِ الشافعيِّ، انظر (شرح ابن ماجه ٢/ ١٣).
الثالثة: أن قولَ أبي حَاتمٍ وأبي زرعةَ: ((قيس بن طلق ليس ممن تقوم به الحجة)) ليس صريحًا في الجرح، لاسيما عند أبي حَاتمٍ؛ فإنه يقول مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين!
ولذا قال الذهبيُّ:((إذا وَثَّقَ أبو حَاتمٍ رجلًا فتَمَسَّكْ بقوله ... وإذا لَيَّن رجلًا أو قال فيه: ((لا يُحتجُّ به))، فتَوَقَّفْ حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وَثَّقَهُ أحدٌ فلا تَبْنِ على تجريح أبي حَاتمٍ فإنه متعنتٌ في الرجالِ، قد قال في طائفة من رجال الصحاح:((ليس بحجة))، ((ليس بقوي))، أو نحو ذلك)) (سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٦٠).
ثم إن الظاهرَ من سياقِ الكلامِ أنهما ما قالا فيه ذلك إلا لأجل روايته هذا الحديث بعينه؛ إذ الحديث مُعارَض بما هو أثبت منه عندهم كما سَبَقَ، فالمقصودُ إذن الحديث، وليس الرجل؛ ولذا في ترجمته من (الجرح