والتعديل ٧/ ١٠٠) لم يذكر ابن أبي حَاتمٍ فيه سوى توثيق ابن مَعِينٍ له، ولم ينقل عن أبيه ولا عن أبي زرعة شيئًا، فموقفهما هذا شبيه بموقف أحمد السابق ذكره.
وقد فَطَن الحافظُ ابنُ عبدِ الهادِي لهذه النكتة، فقال:((والذي يظهرُ أن حديث قيس حسن أو صحيح، ولم يأتِ مَن ضَعَّفَهُ بحجة، بل إنما تُكلم فيه لروايته هذا الحديثُ، وإنما تُكلم في هذا الحديثِ لروايته له، وهذا دور. وقد وَثَّقَ قيسًا يحيى بنُ مَعِينٍ ... وقد احتجَّ بحديثِ قيسٍ عن أبيه النسائيُّ، وصَحَّحَهُ أبو حَاتمٍ البُسْتيُّ، وحَسَّنه الترمذيُّ، وقد روى حديثَه عن أبيه أصحابُ السننِ والمسانيدِ، وأحاديثُه معروفةٌ ليسَ فيها ما يُنْكَر)) (تعليقه على العلل ١/ ٨٦، ٨٧).
وهذا كلامٌ بديعٌ ماتعٌ من هذا الإمامِ، وبه يجابُ أيضًا على كلام الدارقطنيِّ، إذ الظاهر أنه تقلَّد قول أبي حَاتمٍ في قيسٍ، وإلا فقد سأله البَرْقاني عن ملازم بن عمرو، فقال:((يمامي ثقة))، فقال البرقاني: حديثه عن عبد الله بن بدر اليمامي عن قيس بن طلق عن أبيه؟ قال:((كلهم من أهل اليمامة، وهذا إسنادٌ مجهول، يخرج)) (سؤالات البرقاني ٤٩٤).
وسأله مرة أخرى عن هذا الإسناد مع إسناد آخر، فقال:((حَمَلهما الناس، ويُخَرَّجان" (سؤالات البرقاني ٥٧٠).
الرابعة: قول ابنِ القطان -عقب ذكره لكلام أبي حَاتمٍ وأبي زرعة-: ((وإن كان ابنُ مَعِينٍ يقول: (شيوخ يمامة ثقات)، فإن هذا التعميم لا يصحُّ القضاء به على مَن لعلَّه قد زل عن خاطره أو خفي عليه بعض أمره)).
هذا الكلام فيه نظر واضح إذا ما قرأت النصَّ الذي جاء فيه توثيق