* قلنا: ولكن قال أبو الطيبِ السنديُّ في (شرح الترمذي) بناءً على الروايةِ التي وَقَعَتْ له، وهي بلفظ:((قَاءَ فَتَوَضَّأَ)) (١): "الفاء تدلُّ على أن الوضوءَ كان مرتبًا على القيءِ وبسببه، وهو المطلوبُ، فتكون هي للسببيةِ. فيندفعُ به ما أجابَ به القائلون بعدمِ النقضِ من أنه لا دلالةَ في الحديثِ على أن القيءَ ناقضٌ للوضوءِ؛ لجوازِ أن يكون الوضوءُ بعد القيءِ على وجهِ الاستحبابِ أو على وجهِ الاتفاقِ" انتهى.
* فتعقبه المباركفوريُّ بقوله:"قلتُ: قوله: (قَاءَ فَتَوَضَّأَ) ليس نصًّا صريحًا في أن القيءَ ناقضٌ للوضوءِ؛ لاحتمال أن تكون الفاء للتعقيب من دون أن تكون للسببية"(تحفة الأحوذي ١/ ٢٤٣)، وانظر بقيةَ كلامه فيما يأتي.
* وقال الشيخُ أحمد شاكر -معلقًا على كلامه هذا-: "ولو كانتِ الفاءُ للسببيةِ لم تدل أيضًا على نقضِ الوضوءِ أو الصوم بالقيء؛ لأنه قد يَتَوضَّأُ الإنسانُ بعده من أجلِ النظافةِ وإزالةِ القذرِ الذي يبقى في الفمِ والأنفِ وعلى بعضِ الأعضاءِ. وقد يفطر لما ينوبه من الضعفِ والتراخي مما لا يستطيع معه احتمال مشقة الصوم أو خشية الضرر والمرض، فالقيءُ سببٌ لهما، ولكنه سببٌ عادي طبيعي ولا يكون سببًا شرعيًّا إلا بنصٍّ صريحٍ منَ الشارعِ"(حاشيته على الجامع ١/ ١٤٦).
* ثم قال المباركفوريُّ أيضًا: "الاستدلال بحديث الباب موقوف على أمرين:
الأول: أن تكون الفاء في (فَتَوَضَّأَ) للسببية، وهو ممنوع كما عرفتَ.
والثاني: أن يكون لفظ (فَتَوَضَّأَ) بعد لفظ (قاءَ) محفوظًا، وهو محلُّ تأمُّلٍ؛
(١) وهذه الروية خطأ غير محفوظة، وقد أفردناها بالتخريج والتحقيق، فانظر الكلام عليها فيما يأتي.