ومع ذلك فقد توبع على قوله خلافًا لما قاله الإسماعيليُّ:
فرواه النسائيُّ في (الكبرى ١٠٩٣٩، ١١٦٥٨ - عمل اليوم والليلة ٩٩١) عن أحمد بن سليمان قال: حدثنا مسكين بن بُكير قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني الزهري، عن حميد، به.
ومسكين صدوق مشهور صاحب حديث، إنما كان يُخْطِئُ في حديث شعبة، فلا شَكَّ أن روايتَه تؤيد رواية أبي المغيرة.
فأما رواية بِشر بن بكر التي ذكرها الإسماعيليُّ فلم نقفْ عليها، وهو من رجال البخاريِّ دونَ مسلمٍ، فأبو المغيرة أعلى منه، لاسيما وقد قال مَسلمةُ في بِشرٍ:"روى عنِ الأوزاعيِّ أشياء انفردَ بها"(تهذيب التهذيب ١/ ٤٤٣).
وأما متابعة عقبة بن علقمة التي ذكرها ابنُ حَجرٍ مؤيدًا الإسماعيليَّ، فهي متابعةٌ معلولةٌ مع ضَعْفِ سندها، والمحفوظ عن الأصمِّ ما رواه البيهقيُّ في (المعرفة ١٢١٨) عن الحاكم، عن الأصم قال: أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قال: أخبرني أبي قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن حميد، به.
ورواية عقبة إنما جاءت في (الثاني من حديث الأصم ٢٢) وليس الثالث كما ذكر الحافظ، وعلى كلٍّ فكلتاهما من رواية أبي زُرْعة طاهر بن محمد المقدسيُّ، عن عبدوس بن عبد الله، عن أبي بكر محمد بن أحمد الطوسي، عن الأصم، به.
وعبدوس قال عنه شيرويه:"كان صدوقًا متقنًا ... ، كُفَّ بصره وأُصِم في آخر عمره، وسماعُ القدماء منه أصح إلى سنة نيف وثمانين، ومات في جمادى الآخرة، سنة تسعين وأربع مائة"(السير ١٩/ ٩٨).