قلنا: وسماعُ أبي زرعة المقدسيِّ منه كان بعد أن كُفَّ بصرُه وصُمَّتْ أُذُنَاهُ، فكان لا يَرى ولا يَسمع! وكان أبو زرعةَ لم يبلغِ العاشرة! فإنه وُلد سنة (٤٨١ هـ) وقيل: سنة (٤٨٠) كما في (السير ٢٠/ ٥٠٣)، وإنما أسمعه منه أبوه كما قال الدّبيثيُّ في (الذيل ١٦٠١ = المختصر ٧٤١)، وابنُ النجارِ في (ذيله) كما في (المستفاد ٨٩)، وانظر (اللسان ٤٩٩٥).
وكذلك أبو العباس الأصم، قد كُفَّ بصرُه وأُصِم في آخر عمره، وتغيَّر حالُه من سنة (٣٤٤) إلى أن مات سنة (٣٤٦) كما في (السير ١٥/ ٤٥٨، ٤٥٩).
والظاهرُ أن أبا بكر الطوسيَّ هذا قد أخذَ عنه بعد تغيره، فإنه حَدَّثَ عنه ببغداد سنة (٤٠٥) كما في (تاريخ بغداد ٢٢٨).
ثم إن عقبة نفسه ذكره ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل ١٤٢٣) وقال: "روى عنِ الأوزاعيِّ ما لم يوافقه عليه أحدٌ".
فلا نَدْرِي بعد كلِّ هذا كيف وافقَ ابنُ حَجرٍ الإسماعيليَّ على توهيمِ البخاريِّ؟ ! لاسيما ورواية من رواه بالعنعنة كالوليد بن مزيد، والوليد بن مسلم، وعمر بن عبد الواحد - محمولةٌ على الاتصالِ؛ لأن الأوزاعيَّ ليس بمدلسٍ، فرواياتهم، وروايتا أبي المغيرة ومسكين سواء! فكلهم متفقون على خلافِ رواية بشر بن بكر التي لم نجدْها! ورواية عقبة المعلولة!
هذا وقد جَزَمَ أبو زرعة الرازيُّ بأن الأوزاعيَّ يرويه عن الزهريِّ كما في (العلل ٢٥٠١). والله أعلم.