فبيَّنَ أحمدُ أن حديثَ أبي سَلَمةَ عن أبي هريرةَ يدلُّ على أنه لم يكنْ كبَّرَ، وأما قولُهُ:((يُروَى أنه كبَّرَ))، فيدلُّ على أن ذلك قد رُوي، وأنه مخالفٌ لحديثِ أبي سَلَمةَ عن أبي هريرةَ، وأن حديثَ أبي سَلَمةَ أصحُّ، وعليه العملُ" (الفتح لابن رجب ٥/ ٤٣٠ - ٤٣١).
وقد ضَعَّفَ جماعةٌ منَ العلماءِ روايةَ أُسامةَ هذه:
قال الحافظُ ابنُ رَجَبٍ -بعد أن أوردَ هذا الحديثَ-: "وأُسامةُ بنُ زيدٍ هو: اللَّيْثيُّ، وليسَ بذلك الحافظ" (فتح الباري لابن رجب ٥/ ٤٣٢).
وضَعَّفَهُ أبو الحسنِ السُّبْكيُّ، وقال: "والصحيحُ ما رواه البخاريُّ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: ... انْتَظَرْنَاهُ أَنْ يُكَبِّرَ، فَانْصَرَفَ ... " (الفتاوى ١/ ١٤٥).
وقال الزَّيْلَعيُّ: "والأظهرُ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم تذكَّرَ الجنابةَ قبلَ أن يصلِّي، وقد صرَّح به مسلمٌ في الحديثِ" (نصب الراية ٢/ ٥٩).
وقال البُوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ أسامةَ" (الزوائد ١/ ١٤٤).
وقال الحافظُ: "في إسنادِهِ نظرٌ، وأصله في (الصحيحين) بغيرِ هذا السياق" (التلخيص ٢/ ٨٧).
قال الألبانيُّ: "ولعلَّ وجهَ النظرِ أن أُسامةَ بنَ زيدٍ، وإن كان ثقةً من رجالِ مسلمٍ، فإن في حفظه بعضُ الضعفِ، وقد جاءَ الحديثِ في (الصحيحين) وغيرِهما عن أبي هريرةَ من طريقِ أُخْرَى ... وفيه:((أن انصرافَهُ كان قبل الدخول في الصلاة بالتكبير))؛ فهذا خلافُ ما روَى أسامة! ".
قال الألبانيُّ: "قلتُ: لكنَّ أُسامةَ لم يتفرَّدْ بهذا اللفظِ عن أبي هريرةَ؛ بل جاءَ عنه من طريقٍ أُخرى، كما جاءَ مرسَلًا من وجوهٍ تأتي ... فالظاهرُ أن لأبي هريرةَ في البابِ حديثين: أحدهما مِثْلُ حديث أبي بَكْرةَ ... " (صحيح