ورواه ابنُ ماجه، والشافعيُّ، والدَّارَقُطْنيُّ، والبَيْهَقيُّ، من طرقٍ عن أسامةَ بنِ زيدٍ، به.
فمدارُ هذا الطريقِ على أسامةَ بنِ زيدٍ، وهو: اللَّيْثيُّ أبو زيدٍ المَدَنيُّ؛ مختلَفٌ فيه: فأخرجَ له مسلمٌ، والبخاريُّ تعليقًا. ووَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، والعِجْليُّ. وقال أبو داودَ:"صالح". وقال الذَّهَبيُّ:"صدوقٌ، قويُّ الحديثِ، أكثرَ مسلمٌ إخراجَ حديثِ ابنِ وَهْبٍ عنه، ولكن أكثرها شواهدُ ومتابعات، والظاهرُ أنه ثقةٌ"(مَن تُكُلِّم فيه وهو موثَّقٌ ص ٤١).
وفي المقابلِ: تركه يحيى القَطَّانُ. وقال أحمدُ:"ليس بشيءٍ". وقال أبو حاتم:"يُكتَبُ حديثُهُ، ولا يُحتجُّ به". وقال النَّسائيُّ:"ليسَ بالقويِّ"(تهذيب الكمال: ٣١٧).
وقد خالفَ أسامةُ بنُ زيدٍ هنا روايةَ الثقاتِ: فروَى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كبَّر -يعني: تكبيرةَ الإحرام- ثم انصرفَ، والمحفوظُ من حديثِ أبي هريرةَ -من روايةِ أبي سَلَمةَ عنه- أن انصرافَهُ صلى الله عليه وسلم كان قبلَ أن يُكَبِّرَ؛ هكذا صرَّحَ به عند مسلمٍ.
قال ابنُ رَجبٍ: "وهذه الروايةُ -يعني: روايةَ مسلمٍ- صريحةٌ في أنه صلى الله عليه وسلم انصرفَ قبلَ التكبيرِ، وهو -أيضًا- ظاهرُ روايةِ البخاريِّ. قال الحسنُ بنُ ثَوَاب:((قيلَ لأَبي عبد الله -يعني: أحمدَ بنَ حَنْبَلٍ- وأنا أسمعُ: النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين أَوْمَأ إليهم ((أَنِ امْكُثُوا))، فدخلَ فتوضَّأَ ثم خرجَ، أكان كَبَّر؟ فقال: يُروَى أنه كبَّر، وحديثُ أبي سَلَمةَ لَمَّا أخذَ القومُ أماكنَهم منَ الصَّفِ، قال لهم:((امْكُثُوا))، ثم خَرَجَ فَكَبَّرَ)).