قبل اختلاطه، ومعاذُ بنُ مُعَاذٍ العَنْبَريُّ -والدُ عُبَيد اللهِ- لا يُدرَى أَسمِعَ من سعيدٍ قبل الاختلاطِ أم بعدَه؟ فيجبُ التوقُّفُ في حديثه عنه.
الإشكالُ الثاني: أن عبدَ الوهابِ الخَفَّافَ خالفَ معاذًا، فرواه -كما في (سنن الدارقطني ١٣٦٣) - عن سعيدٍ، عن قَتادةَ، عن بكرٍ، مُرْسَلًا.
وقد أشارَ إلى ذلك الدَّارَقُطْنيُّ، بقوله -بعد أن رواه من طريقِ معاذٍ موصولًا-: "خالفه -يعني: معاذًا- عبدُ الوهابِ الخَفَّافُ". وبنحوه البيهقيُّ في (الكبرى ٤١٢٩).
وبهذا يكونُ قدِ اختَلف معاذُ بنُ معاذٍ العَنْبَريُّ وعبدُ الوهابِ الخَفَّافُ في روايةِ هذا الحديثِ عن سعيدِ بنِ أبي عَرُوبةَ، فوصله معاذٌ وأسنده عن أنسٍ، وأرسله عبدُ الوهاب عن بكر بن عبد الله المُزَني.
وعبدُ الوهابِ بنُ عطاءٍ من قُدماءِ أصحابِ سعيدٍ، إلا أنه سمِعَ منه قبلَ الاختلاطِ وبعده، ولم يميِّزْه؛ فقد ذكرَ ابنُ رَجبٍ عن يحيى بنِ مَعِينٍ أنه قال: قلتُ لعبدِ الوهابِ: سمِعتَ من سعيدٍ في الاختلاطِ؟ قال: سمِعتُ منه في الاختلاطِ وغيرِ الاختلاطِ، فليس أُميِّزُ بَيْنَ هذا وهذا" (شرح علل الترمذى ٢/ ٧٤٧).
وقد أشارَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في (التلخيص الحبير ٥٧١) إلى هذا الاختلافِ، ولم يرجِّحْ.
ولكن الألباني رجَّحَ روايةَ معاذٍ العَنْبَريِّ على روايةِ عبدِ الوهابِ، وقال: "هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخين"! ، ثم ذكرَ روايةَ عبدِ الوهابِ المرسَلةَ، وقال: "عبدُ الوهابِ تُكُلِّمَ فيه مِن قِبَل حفْظِه؛ فإنْ كان حفِظَ هذا فهو إسنادٌ آخَرُ لقَتادةَ مرسَلٌ؛ وإلا فروايةُ معاذٍ والدِ عُبَيد الله أصحُّ؛ لأنه ثقةٌ