أهلِ المدينةِ -كما قال ابنُ حِبَّانَ-، وشيخُهُ في الحديثِ مَدَنيٌّ، فمثْلُ هذا الجرْحِ المفسَّرِ مقدَّمٌ على التوثيقِ كما هو معلومٌ. انظر:(الإرواء ١/ ٢٠٩).
ثانيًا: أن ابنَ سيِّدِ الناسِ لم يصحِّحِ الحديثَ بِناءً على توثيقِ الدَّارَقُطْنيِّ لعبدِ الملكِ، كما قال الشيخُ؛ بل الصوابُ ما أشارَ إليه ابنُ حَجَرٍ-معلِّلًا تصحيحَ ابنِ سيِّد الناس لإسنادِهِ-، حيثُ قالَ:"وكأنَّ ابنَ سيِّدِ الناسِ تبِعَ ابنَ عساكرَ في قوله في (الأطراف): ((إن عبد الملك بنَ مَسْلَمةَ هذا هو القَعْنَبي)) ".
ويُؤيِّدُ ذلك أن ابنَ سيِّد الناس في (النَّفْح الشَّذِي ٣/ ١٧٠) قد نَقلَ توثيقَ شيخِ الدَّارَقُطْني ابنِ حَمْدُويَه، وشيخِه ابنِ حَمَّاد، والمُغيرةِ، وأغفلَ ذِكْرَ عبدِ الملكِ، وهو أَوْلى بأن يُبيَّنَ حالُهُ ممن ذكرهم؛ فدلَّ ذلك على أنه تبِع ابنَ عساكرَ في ظنِّه أنه القَعْنَبي، فأغفله ولم يتعرَّضْ له ببيان؛ لشُهرةِ القَعْنَبي، والعِلمِ بحاله.
ثالثًا: أن عبدَ الملكِ لم يتابِعِ ابنَ عيَّاشٍ؛ فالذي تابعه هو المُغيرة، وهي متابعةٌ غيرُ ثابتةٍ كما ذكرْنا؛ لأن عبدَ الملكِ منكَرُ الحديثِ، لا سيَّما في المَدَنيِّين، وهذا منها؛ ولذا لم يعتدَّ البَيْهَقيُّ بهذه المتابعةِ، فقال -بعد أن أَعَلَّ روايةَ ابنِ عيَّاشٍ-: "وقد رُويَ عن غيره عن موسى بن عُقْبةَ، وليس بصحيحٍ"(السنن الكبرى ١/ ٨٩).
وأمَّا ابنُ عيَّاشٍ فقد سبقَ بيانُ حالِهِ آنفًا، وسيأتي موقفُ الشيخِ منه، والردُّ عليه.
الطريق الثالث:
رواه الدَّارَقُطْنيُّ (٤٢٤) -ومن طريقه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات ٣٢٠) -