للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو الاستدلالُ على أنَّ الخَوْلانيَّ هذا قد روَى عنه غيرُ يحيى، فتأمَّل.

ومما يُؤَيِّدُ ذلك أيضًا قولُ ابنِ عَدِيٍّ -بعد هذا الحديثِ الذي ساقه-: "وقد روَى عن سُلَيمانَ بنِ داودَ غيرُ يحيى بنِ حمزةَ، وصدقةَ بنِ عبد اللهِ، كما ذكرْتُه منَ الشاميِّين".

وقد ذهبَ ابنُ التُّرْكُماني أيضًا إلى تجهيلِ سُلَيمانَ، فقال: "سُلَيمانُ هذا مجهولٌ لا يُعرَفُ" (الجوهر النقي ١/ ٨٨).

وعلى كُلٍّ؛ فلم نجدْ مَن رواه عن سُلَيمانَ هذا غيرُ يحيى بنِ حمزةَ، وقد رجَّحَ الذَّهَبيُّ وابنُ حَجَرٍ أن صاحبَ الحديثِ هو ابنُ أَرْقَمَ:

قال الذَّهَبيُّ: "ترجَّحَ أن الحَكَمَ بنَ موسى وَهِمَ ولا بُدَّ"، وقال أيضًا: "رجَّحْنا أنه ابنُ أَرْقَمَ؛ فالحديثُ إذًا ضعيفُ الإسنادِ" (الميزان ٣/ ٢٨٨).

وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ: "أمَّا سُلَيمانُ بنُ داودَ الخَوْلانيُّ، فلا ريبَ في أنه صدوقٌ، لكن الشُّبهة دخلتْ على حديثِ الصدقاتِ من جهةِ أنَّ الحَكَمَ بنَ موسى غلِطَ في اسمِ والد سُلَيمانَ، فقال: سُلَيمانُ بنُ داودَ، وإنما هو سُلَيمانُ بنُ أَرْقَمَ، فمَنْ أَخذَ بهذا ضعَّفَ الحديثَ، ولا سيَّما مع قولِ مَن قال: إنه قرأه كذلك في أصلِ يحيى بنِ حمزةَ ... وأمَّا مَن صحَّحه فأخذوه على ظاهرِهِ في أنه سُلَيمانُ بنُ داودَ، وقَوِيَ عندهم أيضًا بالمرسلِ الذي رواه مَعْمَرٌ، عن الزُّهْريِّ، والله أعلم" اهـ. (تهذيب التهذيب ٤/ ١٨٩).

قلنا: وهذا تحقيقٌ بديعٌ، غير أن في قولِهِ: "وقَوِيَ عندهم بالمرسلِ ... " نظرًا ظاهرًا؛ فإن روايةَ مَعْمَرٍ للحديثِ عن الزُّهْريِّ مرسَلًا لا تقوِّي الموصولَ، بل تُعِلُّه، حتى ولو سلَّمْنا بأن الذي وصله هو سُلَيمانُ بنُ داودَ؛ فإنه متكلَّمٌ فيه كما سبقَ، ومَعْمَرٌ من أثبتِ أصحابِ الزُّهْري بعد مالكٍ،